سامى اليوسف
مدخل: «بهدوء.. هكذا تتم دائمًا الأمور الناجحة لأن الهدوء مظهر من مظاهر الأمر الطبيعي».
عمّ الهدوء أجواء معسكر الهلال قبيل النهائي الكبير، فالتركيز الذهني والتهيئة النفسية، وهذا نتاج عمل إداري وفني مشترك، كانت في أعلى معدلاتها، وكان الاحترام حاضرًا للأهلي حتى وهو يلعب من دون هدافه وقلبه النابض عمر السومة.
هذا الهدوء كان مطمئنًا للأحباء والأنصار فقد عكس إشارات بالثقة والمقدرة على الحسم، بينما كان وقعه مرعبًا للخصم الذي افتقد للتركيز والهدوء في معسكره، فالزيارات الشرفية الرفيعة وارتفاع صوت الوعود بالمكافآت، ثم تضارب الأنباء حول مشاركة السومة أعطت ايحاءات بالارتباك والحيرة معًا.
وجود الحكم الأجنبي عزّز الثقة في المعسكر والمدرج الهلاليين كذلك، وهذه حقيقة لا يأتيها الشك.
إلا أن الكلمة الفصل في معسكر «الزعيم» ارتكزت على عنصرين رئيسين: هما المدرب واللاعبون. فالمدرب الخبير رامون دياز برع في قراءة خصمه «المنهك» جيدًا من الناحيتين «الفنية» قبل وبعد المباراة بدليل زجه للمدافع جحفلي واحتفاظه بالورقة الرابحة العابد إلى الشوط الثاني ثم اقحامه للخيبري والحافظ وكأنه قسم المواجهة إلى مراحل، وكذلك «إعلاميًا» عندما وجه رسالة واضحة بأنه يحترم الأهلي الفريق سواء لعب هدافه عمر السومة أو لم يلعب، وهذا يعطي دلالة واضحة بأنه كرّس وعمق مبدأ احترام الخصم في نفوس لاعبي فريقه قولاً وعملاً. أما على صعيد اللاعبين، كعنصر ثانٍ، فإنهم عكسوا نضجًا احترافيًا يبشر بالخير لجماهيرهم، بخلاف الاحترام لخصمهم، فقد دخلوا الشوط الثاني بثقة المنتصر وجدية الحسم وتماسك الخبراء حيث لم تهتز ثقتهم بأنفسهم بالرغم من هدف التعادل، ولم نلحظ الارتباك عليهم بل على العكس تمامًا أحكموا قبضتهم على مجريات اللعب والسيطرة والاستحواذ حتى خُيل للمتابع أن الهلال يلعب «تقسيمة على باب واحد»، أو أنه يلعب ضد حارس الأهلي ياسر المسيليم الذي لعب واحدة من أفضل مبارياته هذا الموسم ليبرهن جدارته وأحقيته بحماية عرين المنتخب السعودي.
النضج في عقلية اللاعب الهلالي أرجعها للمدرب دياز أولاً الذي فرض شخصيته وثقافته الكروية الغنية بالقيم والتجارب، ولإحراز الفريق للقب الدوري الذي كسر بواسطته اللاعبون حاجز البطولات والغياب عن لقب الدوري، فأصبحوا أكثر ثقة من ذي قبل بإمكاناتهم، ومقدرتهم على الحسم في أي وقت من أوقات المباراة.
نضيف إلى هذين العاملين «المدرب ونضج اللاعبين» تألق بعض العناصر التي أثبتت كفاءتها وجدراتها بارتداء قميص «الملكي» مثل ميليسي «نجم المباراة»، والهداف عمر خريبين «15 هدفًا في 15 مباراة يلعبها مع الهلال»، والسوبر اداوردو، والقاتل أو الحاسم محمد جحفلي الذي بصم على مفهوم أو براءة الـ«جحفلة» كمصطلح كروي من اختراعه.
ارتفع الهلال في جو السماء، فسقط الجميع من حوله، وعاد لينتقم.. فكان أفضل انتقام له ممن ظلموه هو أن يحرز النجاح بهدوء الكبار وثقتهم..» وتصغر في عين العظيم العظائم».
فاصلة
«ويبقى المجد ما بقي الهلال»