د.ثريا العريض
أتفاءل بانعقاد القمم الثلاث في الرياض؛ الإسلامية والعربية والأمريكية. آمل أن توصلنا والعالم أخيرًا إلى قرارات تنفذ وتحالفات فاعلة تقضي على استهداف العالم من الإرهاب وأحلام الهيمنة ومعاناة الملايين.
من يتابع مستجدات الساحة السياسية والعسكرية في المنطقة يدرك أنها لم تتوقف عن التأجج منذ منتصف القرن الماضي. ومع مستجدات ما بعد الحرب العالمية وحركات التحرر من الاستعمار تفاقمت صراعات التيارات والأحزاب والأيديولوجيات والطموحات فحولتها إلى منطقة موبوءة بتوحش الإرهاب والحروب غارقة في الدم والأحزان رغم ثرائها الذي يحسدها الآخرون عليه.
وإذ يتزامن انعقاد القمم مع الانتخابات الرئاسية في جارتنا الموبوءة بتطرف نظام الملالي، أتمنى أن تأتي نتائج الانتخابات برئيس معتدل يغير وجهتهم من العدوانية إلى التعايش والتركيز على إسعاد مواطنيهم.. وقد تنجح القمم وقراراتها في وقف استمرار التدخل في شؤون الجوار فنرى تغير توجه حكومة إيران القادمة لتصبح جارة يمكن التفاهم والتعايش معها لتهدأ المنطقة.
بلا شك القيادة الواعية لا تنصرف عن البناء الاجتماعي والاقتصادي إلى الانشغال بالتطرف الديني والطائفي والتلوث بأوهام التسلط السياسي. هذه الأوهام أوصلت العالم إلى وباء الإرهاب القاتل المتنوع الأسباب والمصادر. وليس هناك ما يبرر الإرهاب مهما كانت الأسباب والمصادر. وحتى ونحن ضمن البلاد الحظيظة بنجاحها في مقاومة تفشي الإرهاب نتألم إِذ نرى ما تتناقله نشرات الأخبار من الدموية والتدمير والموت. والعنف يتصاعد متحدياً القيادات شرقًا وغربًا إِذ يواجهون ضرورات التعامل مع تطرف الأحزاب وشبكات الخلايا وتفجيرات الذئاب المنفردة وتدفق ملايين اللاجئين وتفشي الأوبئة والأمراض.
مع الأسف لم يعد الأمر خيارًا داخليًا بحتًا أمام قيادات الدول سواء في الجوار أو الدول التي يلجأ إليها ملايين الفارين من ساحات الحروب في المدن المشتعلة، وليس بالإمكان استدامة بناء جدار مانع فاصل لحماية الوطن من شرور الخارج والمترصدين. أصبحت الصراعات القاتلة عابرة للحدود، وبفعل فاعل يسعى في تصدير ليس فقط الأفكار والانفعالات المسرطنة عبر الحدود إلى أوطان الغير، بل يرسل أيضًا الأسلحة التي سيقتل بها بعضهم بعضًا ومن سيدربهم على مهارات استعمالها ويقودهم لتدمير الأوطان.. ويمول تهريب المخدرات والمتفجرات وكل ما سيسهم في زعزعة الأمن والاستقرار.
نعم تكلفة الإرهاب عالية ماديًا ومعنويًا وإِنسانيًا.. رحم الله كل الشهداء من المواطنين وحماة الوطن والأجهزة الأمنية.
الآن نواجه جميعًا نتائج تواصل عقود من التراكمات الهادمة لأمن المواطن ولدت ملايين اللاجئين والهاربين من أوطان تحترق بفعل داخلي وتخطيط خارجي، وآلاف الضحايا الأبرياء بما في ذلك الأطفال.
ولذلك لا بد من دعم التحالف من كل القيادات العاقلة للتصدي لكل من يولد الشر لأي سبب. وآمل أن توصلنا القمم الثلاث إلى اتفاق وفعل جماعي يتصدى للتأجيج وينهي طقس العنف المدمر مهما كان مصدره.
أتمنى أن تنتهي كل الصراعات والحروب سريعًا، ويعود السلام والوئام إلى الجوار، وأن يتوقف سيل الدمع والدم إِذ يغيّب الموت كل يوم شهداء من الجنود والمواطنين الذين تطولهم يد الغدر بأسلحة مهربة، وبصواريخ تعبر الحدود إلى الآمنين في ديارهم. مع العلم أنه بعد مرحلة امتدت من الانقسامات الداخلية والقصف والهدم والتدمير، مسؤولية القادة ذوي الوعي لن تنتهي بمجرد الوصول إلى قرار بالتوقف عن القتال. بعد كل الدمار لا بد من مواصلة العمل معًا لإعادة البناء.