جاسر عبدالعزيز الجاسر
ثمانية وأربعون ساعة غيرت التاريخ، ليس فقط تاريخ المنطقة العربية، وليس تاريخ التعامل بين المسلمين كافة والغرب، بل ما حصل في الرياض في الثماني والأربعين ساعة التي شهدت عقد قمم الرياض الثلاث والتي تعززت بكثير من النشاطات واللقاءات، والتي أوضحت عملياً وفعلت قنوات الدبلوماسية بصورها المتعددة، الدبلوماسية العامة، والدبلوماسية المكثفة، والدبلوماسية الشخصية، وكل هذه القنوات والصور تابعناها وتابع العالم معنا من خلال النقل الحي والمباشر للقاءات والفعاليات على محطات التلفاز التي تنقل عبر الأقمار الصناعية، وقد تأثر الأمريكيون كثيراً بأداء ونجاح رئيسهم المنتخب الذي لم يمضِ إلا قليلاً ببضعة أيام بعد المئة يوم وينجز كل ما يرونه ويتابعونه على شاشات التلفزيون إذ إن حجم ما تحقق وفي غضون يومين فقط، يؤكد ويظهر أن دونالد ترامب يترجم ما يقوله على أن يعيد توهجها ويكرس قيادتها للعالم من خلال ممارسة نهج جديد يستلهم التراث الأمريكي دون إلزام للطرف الدولي الآخر، إذ سيكون العمل مترجما للبرغماتية التي التزم بها الأمريكيون في تعاملهم مع الدول، مدعمة بالواقعية وصدقية التعامل، فالرئيس الأمريكي ترامب عرف عنه التزامه بما يعد به، فإذا قال فعل وهو ما تأكد منه الأمريكيون والمجتمع الدولي خلال الفترة القصيرة نسبياً بعد تسلمه مهامه الرسمية.
المتابعون والدارسون والمختصون بالقضايا الدولية وحتى الشؤون الأمريكية تابعوا وبكثير من الاهتمام وأخضعوا ما رصدوه للدراسة والتحليل.
أكثر ما خرج به هؤلاء الدارسون والمحللون هو «انبهارهم» بما تحقق في 48 ساعة هي مجمل وجود الرئيس الأمريكي ترامب في الرياض، إذ إن تواجده في الرياض حقق الكثير لأمريكا وللأمريكيين فبالإضافة إلى توسيع التعاون الاقتصادي والاستثماري مع دولة حليفة ستحقق فوائد مشتركة وإيجاد فرص عمل لكلا الشعبين الأمريكي والسعودي، ونقل العلاقة بين البلدين إلى مرحلة متقدمة ومثمرة تتميز على تحقيق شراكة استراتيجية حقيقية تشمل كل جوانب التعاون الدولي، فبالإضافة إلى التحصين الأمني وتطوير القدرة العسكرية السعودية، أيضاً المشاركة في تفعيل الإصلاح الاقتصادي برفد التوجه السعودي نحو التصنيع ونقل التقنية لدول حليفة موثوق التعامل معها.
أيضاً هؤلاء المتابعون ومنهم خبراء لهم باع كبير في العمل السياسي والاستراتيجي، لم يخفوا إعجابهم بما قام به السعوديون سواء بنجاحهم في اختيار الرئيس الأمريكي المملكة العربية السعودية كأولى الدول التي يبدأ بها إطلالته على العالم، ثم قدرتهم وتفوقهم في استضافة خمسة وخمسين دولة هم باستثناء ملالي إيران ونظام بشار الأسد هم كل العالم الإسلامي شملت دوائره الجغرافية الدائرة الخليجية والدائرة العربية ودائرة الدول الإفريقية ودائرة دول وسط آسيا ودائرة دول جنوب شرق آسيا. وجمع كل هذه الدول النجاح في عقد ثلاثة قمم في ثمانية وأربعين ساعة أكد جدارة المملكة العربية السعودية كدولة قائدة للمجموعة الإسلامية بالإضافة إلى قيادتها العربية والخليجية.
هذا النجاح كما أكد خبير أمريكي عمل في البيت الأبيض يشغل سفير الولايات المتحدة الأمريكية في المغرب في حوار مشترك أجريناه في محطة الحرة الأمريكية أكد بأن ما قامت به الدبلوماسية السعودية وقدرتها على تغير كثير من المفاهيم والقناعات في واشنطن وبالتحديد في البيت الأبيض والحصول على ميزة قيام الرئيس ترامب بالزيارة الأولى إلى المملكة وأيضاً عقده ثلاثة قمم تعزز العلاقة الأمريكية مع السعودية ومع دول الخليج ومع العرب والمسلمين، وكل هذا يعزز التوجه السعودي بتحسين الصورة السابقة النمطية عن السعودية وعن المسلمين وحتى الآن فقد نجحت وبامتياز، ولذلك فإن الدوائر الدبلوماسية والسياسية في واشنطن الذين لا هَمَّ لهم سوى دراسة الظواهر السياسية والدولية سينهمكون في دراسة ما فعله السعوديون وكيف تسنى لهم أن يحققوا كل هذا النجاح.
ذلك ما أكده خبير وباحث أمريكي قضى عقوداً من العمل في دهاليز السياسة الأمريكية في البيت الأبيض والسفارات الأمريكية.