محمد آل الشيخ
يبدو أنّ كاهن إيران وديكتاتورها «علي خامنئي» قرر الخضوع والخنوع لقرارات القمم الثلاث التي عُقدت في الرياض، بعد أن سمح للرئيس الحالي الذي يصفه الإيرانيون بالاعتدال للوصول لكرسي الرئاسة، وأسقط رجل الدين المتشدد «إبراهيم رئيسي»، وكان كما تقول الأنباء إنه مرشح الولي الفقيه المفضل. إلاّ أنّ خامنئي قرأ قرارات القمم الثلاث قراءة موضوعية، وعلى إثرها قرر الامتثال لها؛ فهو يعرف يقيناً أنّ إيران كدولة ليس بمقدورها مواجهة هذه الضغوط التي اجتمعت عليها من كل حدب وصوب، والتي تتزعمها أمريكا أقوى دولة على وجه الأرض.
كاهن إيران يعرف جيداً أنه دون روسيا مجرد نمر من ورق؛ فقد مرغ ثوار سوريا أنفه في التراب السوري، وكادوا أن يهزموه شر هزيمة، وهم مجرد مجموعات مسلحة لا تملك إلاّ مقاتلين هواة وأسلحة جلها خفيفة، ولولا تدخل الروس بطائراتهم ما استطاع هو وميليشيات المرتزقة التي جلبهم من كل فج عميق أن يصمد؛ فثبت أن دعم الروس شرط ضرورة لجيش منهك مهترئ لا يملك أي طائرة مقاتلة ولا دفاعاً جوياً، وأن جعجعاته الإعلامية مجرد زوبعات في فنجان.
تراجُع خامنئي، وتخليه عن مرشحه المتشدد، يعني أن الإيرانيين قرروا المهادنة (تكتيكياً)، وربما التخلي عن مكاسبهم في العهد الأوبامي، بل ربما يتخلون عن بعض ما كسبوه في لبنان والعراق، وكذلك سوريا واليمن، إذا شعروا فعلاً بجدية دول الحلف الجديد في تقليم أظافرهم؛ فليس بوسعهم لا عسكرياً، ولا اقتصادياً تحمل تبعات هذا الحلف الجديد، الذي تمخضت عنه قرارات قمم الرياض الثلاث؛ أضف إلى ذلك أن التركيبة السكانية الإيرانية هشة وضعيفة، نتيجة لتنوع المذاهب والطوائف والإثنيات، ما يجعل الداخل الإيراني إذا ما تم استهدافه من قبل الحلف الجديد، وبقوة وإصرار، سيتصدع حتماً، كما أن هناك مظلوميات، وقمعاً، وتعسفاً، إضافة إلى تخلف في التنمية والخدمات، ما يجعل أغلبية الشعوب المكونة لدولة الملالي تنتظر أي فرصة لتُعبر عن تلك المظلوميات، وحكومة الولي الفقيه الكهنوتية جعلت من نشر المذهب الجعفري أولوية قصوى في أجندتها، تتقدم على كل الأولويات؛ ولتحقيق هذا الهدف الأيدلوجي، صرفت وبسخاء على تمددها وتوسعها، ونشر مذهبها، ونست شعبها؛ وهذا ما تسبب بشكل مباشر في الفقر والفاقة والبطالة وتخلف التنمية الشاملة؛ الأمر الذي حوّل المشكلة إلى كرة ثلج، تكبر وتتضخم مع مرور الزمن؛ وفي تقديري أن الداخل الإيراني جاهز لنسف استقراره فيما لو تمادوا في تمددهم واعتداءاتهم وتدخلاتهم في شؤون الدول الأخرى، التي تستنزفهم مالياً.
وقبل أن أختم هذه العجالة أود أن أنسب الفضل إلى صاحبه؛ فمهندس هذه الزيارة، وما تمخض عنها من منجزات سياسية واقتصادية وتنموية مبهرة، تحدث عنها العالم من أقصاه إلى أقصاه، هو سمو الأمير محمد بن سلمان، الذي أثبت فعلاً وعلى أرض الواقع أنه خير من يُمثل أحفاد عبد العزيز الشباب وعياً وإدراكاً وحيوية ومثابرة ، وأن ثقة والده فيه عندما عيّنه ولياً لولي العهد كانت عين الصواب، ومقتضى العقلانية، وليست مجرد عاطفة والد تجاه ابنه؛ فهو بحق خير من يحمل الأمانة ويصون الدولة، وكل صبح مشرق جديد يتأكد ما أقول؛ ومن يعرف المليك المفدى على حقيقته يعرف أن العواطف لا شأن لها في قراراته منذ أن كان أميراً للرياض، فكيف وقد أصبح زعيم الوطن، ويحمل الأمانة؟
إلى اللقاء