«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
في الماضي الجميل كانت أمهاتنا وحسب ما تعلمته كل واحدة منهن من والدتها أو جدتها أو نساء العائلة كن يقمن بإعداد العديد من المأكولات داخل بيوتهن، وبطرق اعداد بسيطة وغير مكلفة. فكان إعداد ذلك يوفر عليهن عناء شراء ذلك من الأسواق الشعبية.. ففي الماضي لم تكن مراكز التموين أو حتى البقالات أو الدكاكين التي قد توجد في بعض الحارات أو الفرجان «الفريج» لم يكن يوجد بها بعض المأكولات الطازجة نظرا لافتقارها للكهرباء وثلاجات الحفظ. أنا أشير هنا إلى زمن ما قبل الكهرباء لذلك لا تتوفر هذه الأطعمة والمنتجات الغذائية التي تعدها بعض النساء داخل منازلهن في تلك البقالات ولكنها تتوفر في الأماكن التي يقمن ببيعها فيها بالقرب من بيوتهن. أو بجانب فتحة باب البيت أو قريبا منه في زاوية الطريق أو تحت ظلال «السباط» ومن هذه المأكولات اللذيذة والطازجة والتي تعد في نفس اليوم «الروب» اللبن الزبادي، والذي يحظى بإقبال كبير عليه من قبل الجميع بل إن نسبة كبيرة من البيوت لا تخلوا منه أبدا خصوصا في وجبة الإفطار أو العشاء، وتعده سيدة البيت أو إحدى بناتها في حال عدم وجود امرأة عاملة تساعدهن. وكانت في الماضي خصوصا في بيوت الأثرياء والميسورين يعتمدن على نساء يخدمن في هذه البيوت بمقابل مادي مع ما يتيسر من طعام يحملنه لأسرهن، وكانت عملية إعداد «الروب» هذا الطعام الشهي والذي يقبل عليه الجميع وعلى وجه الخصوص الصغار والكبار لسهولة تناوله ولما يحتويه من مواد تجعله ومنذ القدم وجبة مثالية خفيفة وسهلة التحضير مفيدة جدا للجميع بل إنه يكاد يكون الطعام الشامل والمثالي للأصحاء والمرضى وكبار السن ويعتبر مصدرا ممتازا للكالسيوم والبروتين، وما زال مشهد والدتي رحمها الله ورحم موتى المسلمين وهي تقوم بتحضير الروب وبالطريقة التقليدية فهي تقوم بوضع الحليب الطازج أكان حليب البقرة أو العنزة في وعاء ومن ثم تضيف إليه قليل من (روبة) سابقة وتتركه لفترة بعد تغطية الوعاء بفوطة.. وكم كان تناول «الروب البيتي» شهيا بطعمه ونكهته التي لا تقاوم مع الخبز «الحساوي» الأحمر وحبات تمر الخلاص، وكانت أمهاتنا يتفنن في تزيين الروب بحبات الرمان أو العنب.. فيزداد مذاقه وطعمه لذة، واليوم ومع توفر عشرات الأنواع والأشكال من منتجات الروب في مختلف أسواقنا وفي مراكز التموين والبقالات نجد بعض منتجات الروب تحتوي على قطع الفاكهة الشهية لكن بعضنا ما زال يحن إلى «روب»مه وطعام أمه.. والروب اللبن الزبادي يعتبر من أقدم المأكولات في العالم التي قام بتحضيرها الإنسان في مختلف بقاع الأرض. بل بات ومع مرور الأيام يدخل في تحضير مئات الأصناف من الأطعمة والمأكولات المتنوعة الباردة والساخنة. ودول عديدة اشتهرت بتوظيف الروب في مأكولاتها. كالصين والهند ودول أوربية عديدة من أشهرها تركيا واليونان وفرنسا وهولندا والدنمارك وبريطانيا ونجد دولا عربية أيضا تشاركها في كون اللبن الزبادي يدخل في تحضير عدد كبير من الطبخات الساخنة والباردة..