سعد الدوسري
ربما يكون تدشين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للمركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال»، بحضور القيادات العربية والإسلامية، هو الحدث الأكثر أهمية خلال الأيام المنصرمة. ففي العادة، تنتهي القمم ببيانات إنشائية، لا يتم تفعيلها على أرض الواقع؛ وبالتالي لا تفيد الشعوب في شيء. أما هذه المرة، فبالإضافة للجهود التي بذلتها المملكة لجمع الصف العربي والإسلامي، بوجود الرئيس الأمريكي، بهدف توحيد الصف العالمي ضد الإرهاب، يأتي «اعتدال» ليعكس رفض السعودية، حكومة وشعبًا، لفكر التطرف والعنف والتكفير، وهو ليس رفضًا إنشائيًّا، بل رفضًا عمليًّا، تجسده كل الجهود التي تُبذل في الداخل والخارج لمكافحة المتطرفين والإرهابيين. إنه مبادرة سعودية في سبيل مكافحة التطرف، وتعزيز الاعتدال، من خلال ما يضمه من إمكانيات تقنية وبشرية، ومرتكزات فكرية ورقمية وإعلامية، تقوم على رصد وتحليل نشاطات الفكر المتطرف، وعلى الوقاية والتوعية والشراكة في مواجهته.
نحن متفائلون بأن يسهم هذا المركز في تحليل كل الاتجاهات المتطرفة، والوصول لمنابعها، والعمل على تجفيفها، سواء من خلال التوعية أو الاستئصال. ليس هناك أخطر من هؤلاء الذين يعملون في الظلام، ويؤسسون المشاعر العدائية لكل ما هو حضاري، ويزرعون في أرواح الشباب والشابات فكرة العزلة والاستعلاء على الآخرين؛ كونهم غير جديرين بالحياة، بل بالموت، قتلاً وتفجيرًا.
من المؤكد أن بمقدور التقنية المتطورة، والكوادر البشرية المؤهلة، والتنسيق العالمي غير المسبوق، أن يجعل من «اعتدال» بداية لنهاية التطرف والإرهاب.