محمد أبا الخيل
منذ بدأت الاستعدادات لاستقبال الرئيس الأمريكي (دونالد ترمب)، في زيارته التاريخية للمملكة العربية السعودية كأول محطة في زياراته الخارجية منذ جلوسه في المكتب البيضاوي كرئيس، وعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على دعوة معظم قادة الدول الإسلامية والعربية في محفل أممي قل مثيله، وفي وقت وجيز من الاستعداد، للاجتماع بالرئيس الأمريكي وتكوين رؤية مشتركة حول أهم القضايا التي تمثل محاور العلاقة بين العالم الإسلام والعربي كوحدة أممية والولايات المتحدة الأمريكية، كان أكثر المتفائلين بما يمكن إنجازه من تفاهمات واتفاقات لم يتوقع أن يسجل ذلك الحدث هذا النجاح الباهر والصدى الإعلامي العالمي، الذي جعل معظم شبكات التلفزة العالمية تفرد له الساعات متابعة لأخباره وتحليل لبوادره ونتائجه، ومعظم الصحف الأكثر شهرة في العالم تخصص الصفحات لمتابعة أدق التفاصيل وحتى الطرف والملاحات التي أفرزها هذا التجمع لم تترك دون تعليقات وتفسيرات.
لذا، لن يكون موضوع مقالي هذا قراءة ومعالجة سياسية لما تمخض في هذين اليومين من التاريخ، ولكن عن أمر آخر جدير بالاهتمام.
لم يكن لهذا الحدث العظيم أن يتم بهذه الصورة الأخاذة وهذا التنظيم الفذ على رغم كثافة عدد الضيوف والحاجة للاهتمام بكل زعيم أو ممثل دولة بما يتناسب مع ما هو متوقع من كرم الضيافة ودماثة الاستقبال السعودية وما هو معهود من برتوكولات الدبلوماسية، إلى جانب تزامن هذا الحدث الكبير مع مؤتمرات وندوات وبرامج ترفيهية وإثرائية انشغلت بها مدينة الرياض ليلاً ونهار، فهذا لم يحدث دون وجود رجال ونساء ومؤسسات تفانى كل فرد منهم في بذل الجهد الأوفر والتنسيق الأمثل وتحمل المسؤولية التي جعلت الضيوف على اختلاف مراتبهم يشعرون بالراحة والتقدير والأمن، وجعلت المواطنين والمقيمين بالرياض والذين كانوا متحفزين لتقبل قيود في الحركة والسير في يسر في مسيرهم وأعمالهم، وكأن ما يجري في الرياض لا يجرى فيها، هذا التنظيم الرائع من كل المخططين والمنظمين والمنفذين الرؤساء منهم والمرؤوسين، القادة والعاملين في قطاعات حكومية، وخصوصاً شرطة المرور قوات الشرطة والأمن العام والحرس الوطني والحرس الملكي والديوان الملكي وإمارة منطقة الرياض وأمانة منطقة الرياض والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ووزارة الإعلام والثقافة وشركة مطارات الرياض والمراقبة الجوية والدفاع المدني والهيئة العامة للترفيه وشركات التشغيل والصيانة العاملة في طرق ومرافق الرياض، لكل هؤلاء وموظفيهم الذين أثبت كل منهم أنه (جندي مجهول) في خدمة هذا الوطن ومجده، أقول ويقول معي كل من يقرأ هذا المقال: شكراً لكم من الأعماق.
وحدث أن تزامن مع هذا الحدث العظيم قدوم ثلاثة تنفيذيين يعملون في إحدى شركات الاستشارات الأمريكية والتي يمثلها مكتبي، وكان أكثر ما أثار إعجابهم هو مستوى الشعور بالأمن لدى من قابلوهم من وفود الضيوف في الفندق، على الرغم من الانطباعات السابقة بأن المملكة تواجه إرهاب داعش وتحارب تعديات الحوثيين في جنوبها وتكابد تدخلات ومؤامرات إيران حول حدودها، فهذا الشعور الذي تكون لدى الضيوف كان نتيجة للتحرزات الأمنية الواعية والممارسة المحترفة، بحيث توفر الأمن للجميع دون أدنى حد من التقييد والمضايقة.
لقد كان هذان اليومان حدثاً في التاريخ ليس على المستوى السياسي فحسب، حيث حشدت المملكة وبنجاح باهر هذا الجمع من القادة الذين يمثلون أكثر من مليار ونصف المليار إنسان، بل على مستوى التنظيم والتنفيذ والاستقبال والضيافة.
جعلها الله بلاد عزة ومنعة وكرامة وإباء، ووفق خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وولي ولي عهده لكل ما يطمحون لتحقيقه من أمن وسعادة ورخاء.