د. أحمد الفراج
في قمة عربية إسلامية تاريخية، ألقى الرئيس ترمب كلمة، ولم تكن كلمة تقليدية، ففي بدايتها، دشن رسمياً عودة التحالف الاستراتيجي بين المملكة وأمريكا، وكان لافتاً أنه بعدما تحدث عن انطباعاته بعد زيارة مركز الملك عبد العزيز التاريخي، واطلع على تاريخ العلاقة بين البلدين، خاطب الملك سلمان بالقول: «لو كان والدكم حاضراً اليوم لكان فخوراً بكم»، في إشارة إلى الجهد الكبير، الذي قام به الملك سلمان لإعادة العلاقات التاريخية بين البلدين إلى سابق عهدها، وكان ترمب قد توقف طويلاً، أمام صورة كبيرة للرئيس الأمريكي التاريخي، فرانكلين روزفلت مع مؤسس هذه البلاد، وغني عن القول إن روزفلت يعتبر واحد من أعظم ثلاثة رؤساء عبر التاريخ السياسي لأمريكا، ومن حسن حظ المملكة أن حلفها التاريخي مع أمريكا تم في عهد هذا الرئيس الاستثنائي.
يتفق المؤرخون في أمريكا على أن أفضل ثلاثة رؤساء في تاريخ أمريكا هم جورج واشنطن، وابراهام لينكولن، وفرانكلين روزفلت، ويتميز روزفلت عن الاثنين الآخرين، أنه الرئيس الوحيد في التاريخ الأمريكي، الذي فاز بأربع فترات رئاسية، وحكم لمدة 13 عاماً، تخللتها الحرب الكونية الثانية، وبالتالي فتحالف أمريكا مع المملكة في عهده له دلالات كبيرة، يدركها الساسة الأمريكيون، ومما تجدر الإشارة إليه أن كل سياسي أمريكي يترشح للرئاسة، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وسواء كان ديمقراطياً أو جمهورياً، يحاول أن يشير للرئيس روزفلت، ويوحي للناخبين بأنه سيحاول أن يقتفي أثره، ومن هنا ندرك سبب أهمية المملكة بالنسبة للولايات المتحدة، بالنسبة لكل الرؤساء الذين جاؤوا بعد روزفلت، بدءاً من هاري ترومان، ونهاية بترمب، مروراً بأيزنهاور وكينيدي ونيكسون وفورد وكارتر وريجان وبوش الأب والابن وكلينتون، باستثناء الرئيس اليساري أوباما، الذي خرج عن هذا السياق التاريخي للعلاقات، ثم صحح ترمب هذه العثرة.
ترمب في خطابه لقادة العالم الإسلامي تحدث عن الاعتدال، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وأعلن تحالفاً أمريكياً إسلامياً لمكافحة هذا العدو المشترك، وأشاد بجهود بعض الدول الإسلامية في مكافحة الإرهاب، وذكر المملكة ومصر والأمارات تحديداً، وكان لافتاً أنه تجاهل دولاً بعينها، نعرف كلنا أنها رأس الحربة في دعم التطرف والإرهاب، وهي الدول التي عاشت ربيعاً موهوماً في عهد أوباماً، الداعم الرئيس للإسلام السياسي الحركي والثورات العربية، التي أحرقت الأخضر واليابس، ومن الواضح أننا أمام تحالفات جديدة، تعيد الأمور لنصابها، في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة دوماً، وتكبح جماح بعض الطامحين ، فقد أشار ترمب إلى خطر إيران، وتوسعها، ودعمها لحركات التطرف في المنطقة، وجدية أمريكا في مواجهتها بمعاونة حلفائها، والخلاصة هي أن عهداً جديداً من التحالفات بدأ، وصفحة قاتمة أغلقت، وهذا هو ما نأمله وننشده!.