«الجزيرة» - محمد العثمان:
حصلت وزارة العدل ولأول مرة في تاريخها على شهادة التميز التقني ضمن الخمسة الأوائل الحائزين على أكثر الأصوات في فئة تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات: الأعمال الإلكترونية في القمة العالمية لمجتمع المعلومات (World Summit) والتي تشرف عليها الأمم المتحدة، وذلك عن مبادرة خدمات التنفيذ الإلكتروني، ومن ضمنها مشروع «محكمة بلا ورق»، الذي اكتمل تطبيقه بنسبة 100% في كافة محاكم التنفيذ بالمملكة وعددها 16 محكمة. وحصدت الوزارة شهادة التميز التقني بعد إجراء مسابقة عالمية لاختيار أفضل التطبيقات في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، حيث شارك في المسابقة أكثر من 1.1 مليون صوت في القمة العالمية لمجتمع المعلومات، وذلك من بين نحو 467 مشروعاً من مختلف دول العالم.
وكان معالي وزير العدل الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني، قد دشن مشروع «محكمة بلا ورق» رسمياً في 8 ربيع الآخر لعام 1438، حيث تم البدء بالعمل على المشروع في بداية العام الماضي، في حين تم الإطلاق التجريبي للمشروع في 15 محرم 1438هـ.
وتعد «محكمة بلا ورق» منظومة إلكترونية لإدارة مختلف مراحل التنفيذ من خلال نظام تفاعلي متكامل يتم فيه تقديم الطلب وتتبع مراحله حتى تنفيذ الحكم دون الحاجة لمراجعة المحكمة، إضافة إلى توفير آليات لتعزيز صلاحيات القاضي في إنفاذ الحكم من خلال الربط الإلكتروني المباشر مع عدد من جهات التنفيذ، مثل وزارتي التجارة والداخلية ومؤسسة النقد، وغيرها من الجهات الحكومية والخاصة، الأمر الذي ساهم في رفع كفاءة إنفاذ الأحكام وإيصال الحقوق لأصحابها.
وبهذه المناسبة أشار الوكيل المساعد لتقنية المعلومات الدكتور صالح بن أحمد المقرن إلى أن الحصول على مثل هذه الجائزة العالمية يأتي تأكيداً على نجاح الخطط والتوجهات الطموحة لحكومة خادم الحرمين الشريفين في تطوير جميع الخدمات في مختلف الوزارات، بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 والتحول الرقمي للمملكة.
وشدد على أن التطبيقات والخدمات الإلكترونية التي تنفذها وزارة العدل تهدف إلى تعزيز وتسهيل الإجراءات، والخدمات المقدمة للمراجعين بما يرفع كفاءة الأداء، كواحدة من أهداف الوزارة في برامج التحول الوطني 2020.
وسيتم تسليم شهادة القمة العالمية للوزارة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة في حفل يقام في جنيف منتصف شهر رمضان المقبل.
وقد تم ترشيح مبادرة وزارة العدل من بين 345 قصة نجاح في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من جميع أنحاء العالم، وبعد استعراض شامل أجرته مجموعة من الخبراء من 467 مشروعاً قدمها مجتمع أصحاب المصلحة في القمة العالمية لمجتمع المعلومات.
وتعد مشاركة الوزارة الثانية في الجائزة العالمية بعد مشاركتها في النسخة الماضية، إلا أن ما شهدته الوزارة من تحول رقمي وتميز في الخدمات العدلية المتعلقة بقضاء التنفيذ هذا العام ساهم بشكل رئيس في فوزها.
يشار إلى أن جائزة الأمم المتحدة لمشاريع القمة العالمية لمجتمع المعلومات، هي مسابقة ينظمها الاتحاد الدولي للاتصالات ITU بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة UNESCO وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، في ثمانية عشر فرعاً يتم فيها اختيار أفضل التطبيقات والإنجازات التي طوعت الاتصالات وتقنية المعلومات لتنفيذ مخرجات القمة العالمية لمجتمع المعلومات (WSIS) وأهداف التنمية المستدامة (SDGs).
وتقدم هذه الجائزة على مراحل عدة تبدأ بمرحلة تقديم المشاريع والتي انتهت في آخر شهر ربيع الآخر لهذا العام، ثم مرحلة الترشيح تليها مرحلة التصويت وأخيراً مرحلة الاختيار ثم الإعلان عن الفائزين وستتم أثناء انعقاد منتدى القمة العالمية لمجتمع المعلومات.
ويأتي قضاء التنفيذ ومشروعه الرقمي (محكمة بلا ورق) امتداداً لمسار التطور الذي يشهده القطاع العدلي وفي ظل المبادرات الطموحة التي أقرّتها الوزارة لبناء منظومة عدلية عصرية متكاملة لإيجاد حلول مبتكرة لآليات تنفيذ وتفعيل الأحكام القضائية وتطوير بيئة العمل في محاكم التنفيذ من خلال (22 مبادرة رقمية).
وكشفت وزارة العدل عن (22 مبادرة رقمية) تفعيلاً للجانب التقني في مجريات التنفيذ وآلياته تطويراً وتحسيناً لبيئة العمل في محاكم التنفيذ استجابةً للرؤى الطموحة للوزارة لتنفيذ الأحكام ومعالجةً الأوراق المالية المتعثرة وفق وتيرة رقمية بجودة وإنجاز.
وتبلورت القفزة النوعيّة لمحاكم التنفيذ وإجراءاتها حول حزمة من الإجراءات التنفيذية الآنية المقننة والمحددة لتشكِّل حلقة وصل بين مختلف القطاعات الحكومية التي يمكن من خلالها التضييق على المماطلين، ولثني كل من أراد التلاعب بأموال الناس بغير وجه حق. من جهته، أكّد وكيل وزارة العدل لشؤون التنفيذ الدكتور حمد بن عبدالله الخضيري أن وكالة التنفيذ وبدعم ومتابعة من معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور وليد الصمعاني ركّزت مسار مشاريعها ومنذ اليوم الأول لبدء تطبيق مبادراتها للتحول الوطني 2020 على تطوير أدوات وآليات محاكم التنفيذ وتطويعها تقنياً وتوّجت ثمرة تلك المشاريع بمدّ الجسور التقنية مع مختلف الجهات لتشكيل حلقة وصل بين محاكم التنفيذ بالمملكة وتلك الجهات لضمان تنفيذ الأحكام القضائية بما يُحكِم من قبضة العدالة تفعيلاً للأحكام الشرعية والصكوك وتنفيذ مختلف السندات التنفيذية بشكل سريع وعاجل ومن دون تأخير.
وأوضح أن الربط الإلكتروني الذي تم استحداثه بالجهود المشتركة بين القطاعين الحكومي والخاص وبتعاون من تلك الجهات يعمل على ربط محاكم ودوائر التنفيذ بالمنظومة الإلكترونية لمختلف الجهات والأجهزة الحكومية لتمكين قضاة التنفيذ من تنفيذ الأحكام المتعلِّقة بالإفصاح والحجز ورفع الحجز والتنفيذ والتبليغ بشكل آلي وآني، تسريعاً لوتيرة تنفيذ الأحكام وعدم تعطليها.
وأشار إلى أن حِزم الربط الإلكتروني التي أتمّتها الوزارة مؤخراً مع مختلف الجهات تشمل الربط مع وزارة الداخلية ممثلةً بمركز المعلومات الوطني لتمكين قضاة التنفيذ من إيقاف الخدمات والمنع من السفر وتبليغ المنفذ ضدهم, والأمر بحبسهم وذلك بشكل آلي بعيداً عن رتابة العمل الروتيني المتمثِّل في إرسال الخطابات وانتظار ردها, والربط مع هيئة سوق المالية للكشف عن أموال المنفذ ضدهم والحجز عليها وعلى الأسهم المتداولة للمنفذ ضدهم, والربط مع مؤسسة النقد العربي السعودي لتنفيذ أوامر الإفصاح والحجز على الأموال وتحويلها, إضافة إلى الربط مع وزارة التجارة والاستثمار من أجل إيقاف السجلات التجارية على الشركات والمؤسسات المنفذ ضدها وإيقاف إصدار السجلات عملاً بالفقرة الرابعة من المادة السادسة والأربعين من نظام التنفيذ.
ولفت إلى أن الوزارة وإلى جانب جهودها في تطويع التقنية سعت بكل إمكاناتها إلى تغطية مناطق المملكة المترامية الأطراف ضمن خططها التوسعية المدروسة جغرافياً، حيث عملت على افتتاح ثلاث عشرة محكمة تنفيذ جديدة في كل من المدينة المنورة وبريدة, والدمام, وخميس مشيط, وسكاكا, وتبوك, والخبر, وجازان ونجران, والطائف, وحائل, والأحساء مع توفير الإمكانات الإدارية والمالية كافة, والكوادر البشرية المدربة.
كما عالجت الوكالة ضمن مبادراتها الإشكالات في القرارات الصادرة من لجان الفصل في القضايا العمالية, وكذلك إشكالات السندات التنفيذية التي يتعثر تنفيذها في المحاكم الواقعة في المناطق النائية باستحداث آلية تنفيذ عبر بوابة إلكترونية مخصصة لذلك عن طريق الوكالة.
ومع شركة سمة للمعلومات الائتمانية أبرمت الوزارة مؤخراً اتفاقية لتسجيل واقعة التعثر على المنفّذ ضدهم عملاً بالفقرة الخامسة من المادة السادسة والأربعين من نظام التنفيذ التي تنص على إشعار مرخص له بتسجيل المعلومات الائتمانية بواقعة عدم التنفيذ.
وضاعفت الوكالة خلال الفترة الماضية جهدها لتوفير الإمكانات التقنية كافةً, والكوادر البشرية المؤهلة التي يمكنها التعاطي مع تلك البيئة الرقمية العدلية بصورتها النموذجية باقتصار التعامل مع طلبات التنفيذ والأوراق المطلوبة والقرارات التنفيذية حفظاً رقمياً لا ورقياً.
وتلافياً للآلية التقليدية لنشر إعلانات التنفيذ في الصحف التي تأخذ وقتاً وجهداً أكبر في السابق: سنّت الوكالة آليةً جديدة بالربط الإلكتروني مع الصحف المحلية من أجل التعجيل بأحكام التنفيذ وحرصاً على عدم التكليف على طالب التنفيذ بالحضور للمحكمة.
وتعمل وزارة العدل على تمكين «المنفذ ضدهم» من الدفع عن طريق نظام سداد الإلكتروني، والتي تختصر كافة الإجراءات وتمكن المنفذ ضده من تسديد ما عليه من مطالب مالية لضمان سرعة رفع الحجز والمنع من السفر عنه, وغيرها من العقوبات التي كانت تأخذ وتيرة أبطأ في التنفيذ.
وقطعت الوكالة شوطاً كبيراً في خصخصة أعمال التنفيذ عملاً بالفقرة الثانية من المادة الثالثة والتسعين من نظام التنفيذ ترسيخاً للعمل المؤسسي في المنظومة العدلية, بحيث سيتم إسناد العديد من أعمال التنفيذ للقطاع الخاص وتستهدف القطاع الخاص والأفراد, وذلك بعدما اعتمد وزير العدل لائحة مقدمي خدمات التنفيذ التي جاءت في ثلاث وثلاثين مادة موزعة على ستة فصول, وشملت الخدمات مبلغ الأوراق القضائي, ووكيل البيع القضائي, والحارس القضائي, والخازن القضائي, وشركات متخصصة تتوّلى الإشراف على عملية تسليم المؤجر والأصول المنقولة في حين تعمل الإدارات المعنية بوكالة التنفيذ على عمل شراكات مع شركات متخصصة كلٌ في مجاله.
وأعدّت الوكالة مشروع لائحة تدريب لقضاة التنفيذ ولمنسوبي محاكم التنفيذ التي تتضمّن تنظيم العديد من الدورات التدريبية التخصصية في القضاء التنفيذي وشؤونه التنظيمية والإدارية، بجدوله سنوية تضمن استدامة التدريب والتأهيل، وذلك بعد اختيار المدربين المؤهلين وتحديد المواضيع المناسبة وإعداد الحقائب التدريبية وحصرها في مجال عملهم المتعلق بالتنفيذ وأحكامه وإجراءاته.
وتتطرّق الحقائب التدريبية إلى العديد من الموضوعات التخصصية من ضمنها السندات التنفيذية واختصاص قاضي التنفيذ وإجراءات التنفيذ وأعوان قاضي التنفيذ وإدارة دائرة التنفيذ قضائياً وإدارياً والأوراق التجارية وغيرها من الموضوعات القضائية المتخصصة, في حين تشمل الحقائب التدريبية للموظفين جملةً من الموضوعات التي تلامس أعمالهم مثل: اللائحة التنفيذية لنظام التنفيذ والإفصاح عن الأموال وإجراءات التنفيذ والحجز التحفظي وتوزيع حصيلة التنفيذ والتنفيذ في مسائل الأحوال الشخصية, إضافة إلى الأحكام العامة التي تهم القائمين بهذه الأعمال في أعمالهم.
وتطل على منظومة التنفيذ بالمملكة مشروع «النظام الإلكتروني لمحاكم ودوائر التنفيذ بالمملكة» و»مشروع تحديث لائحة نظام التنفيذ», حيث يهدف النظام الآلي لمحاكم التنفيذ إلى تذليل الصعوبات التي تواجه إجراءات التنفيذ للخروج بآلية عمل تسهل الإجراء وفق نظام التنفيذ ولائحته المستحدثة, والعمل على تحويل النماذج الورقية إلى إلكترونية عبر إجراءات التنفيذ في النظام, وإيصال الحقوق لأصحابها في أسرع وقت.
كما عملت الوزارة على تمكين طالب التنفيذ من الاطلاع على ما صدر له من قرارات وأوامر عن طريق رسالة sms على جواله مشفوعاً بها رابط لموقع وزارة العدل الإلكتروني كما تصل المنفذ عليه رسالة على جواله عن طريق نظام أبشر إعلاماً له بصدور أمر بالتنفيذ عليه بموجب المادة الرابعة والثلاثين.
وكذا رسالة بصدور الأوامر المنصوص عليها في المادة السادسة والأربعين من نظام التنفيذ مشفوعاً بها رابط لموقع وزارة العدل الإلكتروني للاطلاع على الأوامر الصادرة عليه.
ولفت وكيل وزارة العدل لشؤون التنفيذ الدكتور حمد الخضيري إلى أن هذه المبادرات بأتمتة العمل ومكننته إلكترونياً وما لها من دور كبير في سهولة إجراءات التنفيذ وإتقانه وانضباطه وتسريع وتيرته وتسلسله، تؤكِّد حرص واهتمام الوزارة بقيادة معالي وزير العدل الدكتور وليد بن محمد الصمعاني على التطبيق الفعلي للتحوّل الحكومي الرقمي ضمن برنامج التحول الوطني (2020) ورؤية المملكة 2030.