علي الصراف
إيران ليست «دولة إسلامية». هذا «خطأ شائع» أو «مقصود» من أجل التعبير عن «موقف» يحرف الأنظار عن الحقائق.
والحقائق من الوضوح بحيث يمكن للأعمى أن يراها، وهي من الثبات والتواتر بما يجعل تجاهلها أمرًا مثيرًا للعجب حقًّا.
إيران دولة مشروع طائفي. هذا أولاً. وهو مشروع لا علاقة له بالإسلام، لا من قريب ولا من بعيد.
وهو مشروع ذو تاريخ خاص به، لا صلة له بتاريخ الإسلام أيضًا.
وتاريخ هذا المشروع إذا كان يبدأ من مجازر إسماعيل شاه الصفوي فإنه يتعكز على أحداث، إما موهومة، أو مبالَغ فيها، أو مشوهة في التاريخ الإسلامي من أجل أن يبرر تطلعاته القومية العنصرية واحتقاره الشديد للعرب كأمة حملت راية الإسلام.
المشروع الطائفي الإيراني، كأي مشروع طائفي آخر، يستهدف تمزيق صف المسلمين، بل تمزيق الإسلام نفسه، وتحويله إلى ميدان للتناحرات وأعمال القتل الوحشية بين المسلمين، وجر مجتمعاتهم إلى أن تخوض حروبًا أهلية لا نهاية لها ضد نفسها بالذات.
اقرأ في (أدب) هذا المشروع -وهو قليل الأدب حقًّا- وسترى بأم العين، وبأم العقل، أو بأي واحد منهما، كم أن أصحاب هذا المشروع يكنون الحقد والكراهية للمسلمين «الآخرين».
بل يميلون إلى تبرير سفك دمائهم بدواعي «الانتقام».
وهو أول «القتل على الهوية» في التاريخ الحديث للمنطقة.
ولوحشية هذا المشروع دلائل ثابتة، منذ أن بدأ إسماعيل شاه بأعمال الإبادة والترويع ضد قوميات إيران المختلفة من أجل أن يفرض عليها مذهبه، إلى كل ما نراه في يومنا هذا من مجازر تطول المسلمين «الآخرين».
هذا المشروع إذا كان تعبيرًا عن الوحشية فإنه تعبير عن التكفير أيضًا.
وكلاهما لا صلة له بالإسلام.
ولا يفترض من الأساس أن تكون لهما صلة بالإسلام أصلاً. بل وأصلاً، ليس في عالم اليوم. بل وأصلاً على أصل، ليس بجريرة ما قد حدث أو لم يحدث في الماضي البعيد.
هذا المشروع تعبير عن مستوى من الهراء، لا يتوافق مع أي قيم إنسانية أو حضارية أو دينية.
كما أنه لا يتوافق بالتأكيد مع حاجة المسلمين، ولا يخدم مصالحهم كأمة، ولا يخدمهم في أوطانهم أيضًا.
وهو مشروع مليشياوي حصرًا.
انظر إلى إيران نفسها وسوف ترى أنها لم تعد «دولة»، ولا بأي معنى من معاني الكلمة.
إنها «جمهورية» عصابات ومليشيات، تهمين كل منها على عمل أو قطاع؛ لتزعم أنها تخدم مشروعها في «انتظار الإمام الغائب».
ويا ويل كل المسلمين من ذلك الغائب إذا حضر؛ فإنه سوف يقطع الرؤوس، ويعلق الجثث، ويسحق ويمحق ويعلن احتقاره للعرب خاصة! ففي كل (الأدب) الصفوي يبدو ذلك (المنتظر) وكأنه ينتقم من المعارك التي خاضها العرب المسلمون ضد الفرس المجوس، بل كأنه ينتقم من الإسلام نفسه الذي حمله المسلمون إلى بلاد فارس، ويعيده إليهم جثثًا ومحارق.
إنه مشروع أبعد ما يكون عن قيم السلام والتعاون والتآخي أيضًا.
انظر في «الفقه» البليد الذي يصدر عنه، وسترى بأم العين وبأم العقل، أو بأي واحد منهما، أنه مشروع عدواني وهمجي، ويستهدف تصدير الخراب إلى الجوار، وليس «التعاون» معهم.
إنه مشروع للهدم لا للبناء.
تلك هي طبيعته.
وهذا هو ما يفعله في إيران نفسها.
وهو ما يفعله في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
والهدم جزء أصيل من «فقه» هذا المشروع؛ ذلك أن كل شيء (في الاقتصاد والسياسة والمجتمع) يتعين أن ينتظر «المنتظر»، ويخرب كل ما حوله من أجل أن يسرع في مجيئه.
هذه هي «ثقافة» أصحاب هذا المشروع.
ولا أدري إن كان المرء يحتاج إلى «أم عين» أو «أم عقل» ليرى أن إيران ليست سوى «جمهورية» مشروع ضلالي قبيح وخطير، وهي ليست دولة من الأساس، ولا صلة لها بالإسلام، لا من قريب ولا من بعيد.
ومن يزعم فيها أنها «دولة إسلامية» فإنما يعمي بصره وبصيرته عن الحقائق؛ لكي يمهد الخراب لنفسه ولغيره من المسلمين.