محمد المنيف
مع أن الفن (التشكيلي السعودي)، وأعني به من يمارسه من أبناء الوطن، يمر بمراحل عدة، بدءًا من التأسيس في فترة لم يكن بين الفنانين والعالم الخارجي سبل تواصل إلا من بعض من أتيحت لهم الدراسة في عدد من الدول الأوروبية والأمريكية متخصصين في مجال التربية الفنية.. والقلة منهم كان من التشكيليين ممن تخصص في الفنون الجميلة، وكان تأثيرهم على الأجيال محدودًا، وتعاملهم مع الحداثة في حدود العمل المسندب اللوني مع فراغ في الأعمال الأخرى الفراغية التي كان لها حضور غير مباشر وغير مقبول في كثير من الدول.. نقول: رغم هذا الحضور البطيء تجاه التطوير إلا أننا نرى في السنوات القلية القريبة، وبعد انفتاح الفنانين على الأعمال من خلال سبل التواصل مع معارض وتجارب وسفر ومشاركات، أن هناك تحركًا ولو محدودًا في جانب التعامل مع الفنون المعاصرة، وخصوصًا المفاهيمية أو الفراغية التي تعتمد على الفكرة دون النظر إلى كيفية التنفيذ أو جودة الخامة، ينتهي بتوثيقه في الصورة، مع بعض ما يقدم من جمع بين الفكرة وجمال التنفيذ لعدد من التشكيليين الذين تعاملوا مع منجزهم بذكاء؛ ليخرجوا من دائرة العمل غير المقتنى أو غير المتحفي إلى العمل القابل للاقتناء.
أعود للحدث الحالي الذي لفت أنظار التشكيليين، وطرح الكثير من التساؤلات حول المعرض الذي أقيم في الديوان الملكي، وقام على تنظيمه مركز الملك عبد العزيز الثقافي والعلمي (إثراء)، إحدى مبادرات أرامكو السعودية، المركز الأبرز في خدمة الثقافة والعلوم في المملكة ودعم المبدعين المبتكرين، المركز الذي يحرص على الأخذ بالمبدعين في مختلف صنوف الإبداعات النسائية، أدبية وثقافية، ومنها الفنون التشكيلية.. هذا الحدث وهذا التكريم من الديوان الملكي يشكل نقلة جديدة، يستشرف منها التشكيليون أهمية إبداعاتهم، وأهمية أن تكون نابعة من الوطن، مؤطرة بالقيم والتقاليد؛ باعتبار أن الفن رسالة ومرآة لثقافة وحضارة أي مجتمع. وقد جاء المعرض بالفعل مهما اختلفنا على مستويات التنفيذ، واعتمدنا على ما طرح من نماذج، تحمل عناوين مشرفة لتراثنا الفني البيئي والديني.