سمر المقرن
كانت ليلة الأربعاء الماضي مفزعة للغاية، فبعد منتصف الليل بما يقارب الساعة خرجت تصريحات على لسان أمير قطر كانت مشينة جداً، وبعدها حصل تكذيب لهذه الأخبار بزعم أن حساب الوكالة القطرية كان مخترقاً. ولغاية وقت كتابة هذا المقال بعد مرور أكثر من 24 ساعة على التصريحات القطرية، لم يخرج سوى «تكذيب» ولم يخرج الأمير القطري ليتحدث ويعتذر عن سوء الفهم الحاصل إن كان هناك فعلاً سوء فهم أو أن التصريحات لا تُمثله.
بالنسبة لي كقارئة للأحداث، فإن مناسبات الرياض التي جرت خلال الأسبوع الماضي، جاءت بنجاح قوي ومبهر لم يتحمله كثير من الإخوة العرب، فرأينا كثيراً من التصريحات خصوصاً على تطبيق تويتر لم تكن أخلاقية مطلقاً ولا تبحث إلا عن محاولة تسطيح الإنجاز السعودي العظيم على مستوى العالم. أيضاً لم يتحمّل هؤلاء رؤية المملكة وهي تحمل زعامة العالم العربي والإسلامي، وإن كان هذا ليس بجديد لأنها مهبط الوحي ومقر الحرمين الشريفين فمن الطبيعي أن تأخذ هذه المكانة، لكنها أخذت مكانة أكبر وهي تفتح أبوابها لملوك وزعماء خمس وخمسين دولة عربية وإسلامية أتوا على أرضها ليشاركوها النجاح ويكونوا شهوداً على النقلة الكبيرة التي حدثت بوجود زعيم أكبر دولة في العالم، وما حققته السعودية لم تنفرد به لوحدها بل أرادت أن تقاسمها الدول العربية والإسلامية هذه النقلة النوعية التي ستغير مسار العالم العربي والإسلامي، خصوصاً لدى الولايات المتحدة الأمريكية.
من الأحداث المهمة التي حصلت، هو افتتاح المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال» ولاحظوا معي أن هذا المركز يُعنى بالفكر وليس بالحراك الإرهابي، ومن المعروف أننا وبعد أن انكشف المستور في أحداث ما يسمى بالربيع العربي، اتفقت الدول التي اكتوت بنار إرهاب جماعة الإخوان المسلمين بتصنيفها كجماعة إرهابية، والشقيقة الصغرى قطر -وهذا ليس سراً- تفخر بأنها مأوى لهذه الجماعة وقياداتها، ما وصلت إليه من شعور بأن أولى اهتمامات المركز هو مكافحة الفكر الذي تأويه قطر، والذي يعيش في رغد ونعيم من الأموال المدفوعة على الذمم المباعة، وبغض النظر عن كون التصريحات حقيقة أم مفبركة، فإن معظم ما ورد فيها لا يختلف مع السياسية القطرية، وتضمنت كثيراً من الكلام الذي قاله الأمير القطري في مناسبات عامة، مثل إعلانه محبته لإيران وتعاونه معها، هذا عدا الإعلام القطري وحساباته في تويتر الذي يأتي تصريحاً وتلميحاً بنفس الخط الذي خرجت به التصريحات!
نحن لسنا في سباق لإثبات أو نفي التصريحات القطرية، لكن هناك مراجع تاريخية لا تنسى وتحفظ كل ما يحصل على مدى سنوات طويلة لم تكن قطر على وئام مع شقيقاتها دول الخليج العربي، ولم تأخذ موقفاً حيادياً، بل كانت الشقيقة الصغرى المشاغبة والتي تحاول دائماً لفت الأنظار عندما تسير عكس تيار الصف الخليجي الواحد. لكن من المهم أن تفهم قطر بأن المملكة تجاوزت مرحلة التسويف مع من يتعرّض لها، فنحن الآن في مرحلة «الحزم» ولا مجال لتجاوز أي استفزاز قطري، ولعل ما حدث يُعيد الشقيقة الصغرى إلى منظومة الخليج العربي، لأننا بالنهاية أبناء شعوب واحدة، والسعوديون والقطريون لا يختلفون عن بعضهم لا بالدم ولا بالنسب، وأتمنى أن نرى العزيزة قطر في ذات الصف وذات الأهداف.