ومعنى هل العوجا توضّحها حربيّة الشاعر (العوني) التي اشتهرت بأدائها فرقة الدرعيّة للعرضة السعودية خصوصا في المناسبات الوطنية الهامّة.
منّي عليكم يا هل العوجا سلام
وأختص أبو تركي عما عين الحريب
حينما ترتفع وتيرة الحماس وتبلغ قلوب المغنين الأشداء الحناجر ينهض بقامته المديدة الملك العظيم فيصل بن عبد العزيز أو أخاه الملك الشامخ عبد الله رحمهما الله تعالى وحتى هو سلمان الحزم يستل السيف (الأملح) ويبدأ في (التنكّس) الوقور.
يزداد خفقان قلوب حضور ميدان العرضة أو من يشاهدها عبر التلفاز، ويتوقع الناس آنذاك أن هناك أمرا جللا لدى هل العوجا، فهم لا يرقصون عبثا.
اليابانيون بدورهم قوم أشدّاء أصحاب بأس حديد. تاريخهم مكتنز ببطولات محاربي الساموراي وفارط شجاعتهم في الحرب.
لديهم كما لدينا وغيرنا موروث يفخرون به ويُفاخرون. القليلُ (عالميا) لا يعرفون عن الشعب الياباني إلاّ فاخر الصناعة الإلكترونية والمذهل الدقيق من الإنتاج المُتقن لدرجة أسماهم البعض (كوكب اليابان) لأنهم يجهلون كثيرا الإنسان الياباني وكاتب هذه السطور أحدهم لولا زيارات متكررة لأرض الشمس المُشرقة بحكم المسؤولية كموظف حكومي (آنذاك) أُنتُدبَ في أواخر التسعينيات الميلادية للإشراف على مشروعٍ حكومي أمني بالغ الأهمية.
دعونا نعود لتلك الليلة الخالدة في ذاكرة الرياض العاصمة ولنسِمها مجازاً بليلة الأوركسترا.
ولنبدأ الحكاية حسب الأصول.
من ذلك الطابور الطويل المتعرج كأثلام تلال طويق التي تُحيط كالسوار بمشروع (القدّيِة) المُنتظر موقع فرح وبهجة كُل أناس هذا الوطن مستقبلا بدأ الإدهاش. صفان متجاوران أحدهما للآنسات فالسيدات والآخر للشباب والكهول وما بين الصفين صف آخر لذوي الكراسي المتحركة أحبابنا اصحاب القدرات الخاصة والعزم الأكيد.
بسبب الأعداد المتراكمة تباعا من الحضور طال زمن الوقوف على غير معتاد الناس في بلادنا، حينها ومن أجل تزجية الوقت بدأ المطوبرون (نسبة للوقوف في الطابور) في تناوش الأحاديث حتى ولو لم يك بينهم سابق لقاء أو معرفة.
كان يطوبر بحذاء كاتب هذه السطور شابان صامتان يتبادلان النظرات والابتسام كلما تناهى لسمعهما كلمات عابرة غير مألوفة لهما تصدر من أصحاب ذات اليمين أو الشمال. حاولتُ تخفيف ملل الطوبرة على الشابين قائلاً: «هانت لم يبق من الزمن سوى دقائق». قال الأقرب: «كله يهون لأجل الفن الراقي، سأنتظر لو حتى الصبح. صدقني لن أعود لديرتي بعد كل وعثاء السفر الا بعدما استمتع بما كنت أحلم به»!!
أدهشني الشاب في إصراره وصبره قلت: وعثاء السفر؟ يعني لست من أهل الرياض؟»
قال: لا، فأنا وصاحبي هذا من «القصيم» أتينا مباشرةً من هناك لمركز الملك فهد الثقافي وسنعود مع آخر نغمة تُقفل بها الأوركسترا اليابانيّة هذه الليلة الحُلم.
بقي أن أقول لكم: لا دهشة بعدها، ولا تعليق فشباب اليوم (شكلهم) من سيقود التغيير. كونوا بخير.
- د. عبد الله إبراهيم الكعيد
aalkeaid@hotmail.com