أنا مؤمن جداً أن الثقافة لا تعني السمو والتعالي على الشعب والثقافة الشعبية، والترفع عن مناقشة مشاكل البلد، والانغماس في مواضيع ثقافية بحتة ربما لا تمت للواقع الحالي بصلة، أو أن مناقشتها قد أتت في غير محلها.
في كل قضية للرأي العام يتجدد السؤال الذي يخدش حياء الثقافة: أين النخب عن مشاكلنا؟ ولماذا هم منغمسون في مناقشة قضايا الدوغمائية والبراغماتية وغيرها من القضايا التي لا تمس الواقع بشكل مباشر؟ وهنا أطرح تساؤلاً بسيطاً وهو: هل نأى النخب عن قضايا المجتمع حتى شعر المواطن العادي بابتعادهم؟!
في حقيقة الأمر كان ذلك محور نقاش طويل بيني وبين أحد الأصدقاء، فاتفقت معه على أنّ قليلاً من النخب المثقفة قد ابتعدوا فعلاً عن هموم المجتمع والمواطن البسيط، متناسين أن هذا المجتمع والثقافة الشعبية (البيئية) الأولية، هي الجزء الأول والأكبر من تكوين الثقافة التي جعلته يشعر بالسمو على بقية الناس العاديين.
لكن اتفاقي معه كان على جزء بسيط لا يمثل كافة النخب، لذلك فقد انبريت للدفاع عن بقية النخب المثقفة، حيث وجدتهم يشاركون في قضايا البلد ومشاكل المجتمع، فيشخصون المشكلات ويطرحون الآراء والحلول. ولم يكن صعباً عليّ أن أضرب أمثلة حول ذلك من نماذج النخب الذين شاركوا، إما بمقالاتهم أو من خلال حساباتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، فعلى سبيل المثال لا الحصر الدكتور عبد الله الغذامي، فمن شدة قربه لقضايا المجتمع ومناقشته لها تشعر بتواضعه، يرد على كل تساؤلات السائلين له عبر حسابه الشخصي، ولا يهمل استفساراً يصل إليه إلا ويجيب عليه بما يعرف. إن الدكتور الغذامي يمثل أنموذجاً رائعاً للمعنى الذي يجب أن يكون عليه كل النخب.
ختاماً أقول لبعض النخب إن التفاعل الاجتماعي لا ينقص من الثقافة ولا يضيرها شيئاً، فتلك القضايا تعتبر مكوناً هاماً من الثقافة العامة وشخصية المثقف، فلا ينبغي التعالي عليها، بل إنه من الواجب المساهمة في حلها بتقديم التشخيصات والرؤى وطرح الحلول المقترحة.
- عادل بن مبارك الدوسري
aaa-am26@hotmail.com
@AaaAm26