قاسم حول
من خلال تسعة وأربعين فيلماً مشاركاً في مهرجان كان السينمائي في دورته السبعين وتسعة عشر فيلماً داخل المسابقة تبرز إلى الصدارة ثلاثة أفلام متنافسة بقوة على السعفة الذهبية، وهذه الأفلام هي فيلم Beguiled للمخرجة صوفيا كوبولا وفيلم النهاية السعيدة للمخرج النمساوي مايكل هانيكه وفيلم In the fade للمخرج الألماني من أصل تركي فاتح وآكين.
ولكن فيلم «المحتال Beguiled « يتصدر الأفلام الثلاثة وهو من أخراج صوفيا كوبولا، وهي ممثلة وكاتبة سيناريو برز اسمها في أمريكا لسببين أولا أنها تحمل اسم والدها المخرج فرانسيس فورد كوبولا سيما بعد أن اشتركت في تمثيل بعض أدوار في أفلامه التي كسبتها شهرة وفي المقدمة منها «العراب» تضاف إلى موهبتها كممثلة وكاتبة سيناريو. وهي مرشحة في أمريكا لجائزة الأكاديمية السينمائية، الأوسكار. وحازت الكثير من الجوائز في مهرجانات السينما وهي تتوجه إلى الإخراج ويأتي فيلم «المحتال» وتنافسه على السعفة الذهبية ليضعها وفيلمها في الصدارة بين أفلام مهرجان كان في دورته السبعين.
افتتح المهرجان بفيلم “أشباح إسماعيل” للمخرج «أرنو دبيلشون» وتدور أحداثه عن مخرج سينمائي يفقد زوجته قبل عشرين عاما. والفيلم مثار اهتمام كبير ولكنه يعرض خارج المسابقة ويحتفى به كعرض افتتاح للمهرجان.
بين زحمة الأفلام الروائية المتنافسة وبين الأفلام القصيرة وأفلام خانة «نظرة ما» للأفلام ذات التوجه الفكري والفني المتميز وغير التقليدي وحتى دخول المسلسلات التلفزيونية للمهرجان حيث تم عرض حلقتين من مسلسل تلفزيوني، من بين كل هذا الزخم من الأفلام تجدر الإشارة وإن حاول المهرجان التعتيم على الممثلة البريطانية «فانيسيا رودغريف» إذ جاءت بفيلم وثائقي وثائقي من إخراجها يحمل عنوان «حزن البحر» عن العدد غير المسبوق للهرب بالزوارق المطاطية في لجة البحر وهو فيلم عن اللاجئين ألذين هربوا من بطش أنظمتهم سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي. وفانيسيا رودغريف بعد أن برزت في فيلم «جوليا» وحازت الأوسكار على دورها في هذا الفيلم، وكان دوراً متميزاً وهي قصة مأخوذة عن مسرحية تعرض معاناة اليهود تحت حكم النظام النازي. لكن فانيسيا رودغريف وهي المنظوية في تنطيم حزب العمال، وبعد أن عرضت معاناة اليهود قررت عرض معاناة الفلسطينيين في ظروف قاسية جداً فأخرجت فيلما وثائقيا عنوانه «الفلسطينيون» وهذا الفيلم عاد عليها بالمشاكل. حيث بدأت مؤسسة الضرائب البريطانية تبحث في ملفاتها الاقتصادية وتحملها ضرائب وصلت إلى نصف مليون باوند إسترليني. وقد تحمل النظام الليبي السابق دفع هذا المبلغ وأنقذها من الحالة الصعبة التي مرت بها. بعد فيلم «الفلسطينيون» لم نسمع عن أخبار هذه الممثلة، ولكنها فجأة ظهرت في أروقة مهرجان كان في دورته السبعين وهي تحمل فيلم «حزن البحر» .. إلى أي درجة ستحظى «فانيسيا رودغريف» بإهتمام ما وهي التي انتصرت لليهود وجسدت اضطهادهم في فيلم «جوليا» ما جعلها تصعد مسرح أكاديمية السينما في الولايات المتحدة الأمريكية لتتسلم الأوسكار. فجأة يخبو ضوؤها وتخفت الأضواء التي كانت مسلطة عليها، فقط لأنها عرضت معانات الفلسطينيين في فيلم وثائقي كان يمكن أن ينسى في خضم عالم السينما المبهر. لكن قناعات «فانيسيا رودغريف» لما يحصل في هذه العالم من النكبات جعلها توجه كاميرتها الوثائقية نحن لاجئي العالم في لجة البحر الصاخب الذي ابتلع العديد من الأطفال والناس الأبرياء. تذكرنا «رودغريف» بتجربة السينما الحرة في بريطانيا التي تألقت في بداية الستينات ثم انتهى تأثيرها وسط أضواء صالات السينما ونجومها وأضوائها كما مهرجان كان وبرلين وفينيسيا وكما جوائز الأوسكار في العالم .. فمن ينتبه لفيلم وثائقي عن اللاجئين التي تعرض التلفزة العالمة كل يوم حكاياتهم في لقطات عابرة ومنسية ضمن نشرات الأخبار؟!