حمّاد السالمي
- ليس حدثًا عابرًا ولا عاديًا هذا الذي عاشته العاصمة السعودية الرياض يومي السبت والأحد من الأسبوع الفارط.
- قمة سعودية أميركية، ثم أخرى خليجية أميركية، وثالثة إسلامية أميركية. تحولت الرياض مع هذا النشاط السياسي العالمي الكبير؛ إلى عاصمة العواصم للعالم كله. كافة أنظار العرب والمسلمين والغربيين والشرقيين أصبحت مشدودة إلى عاصمة المملكة العربية السعودية، التي نجحت بامتياز في تكوين تحالف دولي غير مسبوق، يعمل لمواجهة التطرف ومحاربة الإرهاب، بل ويذهب بعيدًا إلى تسمية الدول التي تدعم الجماعات الإرهابية وتمولها وتوجه نشاطها، وفي مقدمتها الدولة الصفوية في إيران، فيحاصرها، ويعزلها، ويلاحق أذنابها في كل العالم، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
- ومن نتائج قمم الرياض الثلاث؛ وهمم القادة والساسة الذين نظموها وشاركوا فيها، الرسالة الواضحة التي وصلت إلى كل ذي لب في هذا العالم ومفادها: أن السلم والتعايش بين الشعوب والأمم؛ مطلب ديني وأخلاقي وحضاري تقره كافة الأديان السماوية، وهو السبيل الوحيد لمواجهة العنف والتطرف والإرهاب الذي يستهدف حياة الناس وأعراضهم وأموالهم، فجاءت زيارة الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) للقدس وفلسطين والفاتيكان بعد الرياض؛ لتؤكد هذا التوجه الجديد لمسار العلاقات الدولية انطلاقًا من الرياض والشرق الأوسط. الأديان الثلاثة: (الإسلام والمسيحية واليهودية)؛ تتقاطع بشكل صارخ في هذه المنطقة الحيوية من العالم، وإدامة الصراع في دولها وبين شعوبها تحت غطاءات دينية وطائفية؛ أمر غير محتمل وغير مقبول في المستقبل. المستقبل الذي نسجت خيوطه قمم الرياض الثلاث.
- إن الكلام على نتائج (قمم وهمم الرياض) يطول ويتشعب، وقد كفانا أعداؤنا قبل أصدقائنا- بلطمهم وشتمهم وتبرمهم- في إيضاح ما تحقق من منجزات كثيرة على مستويات سياسية واقتصادية لم تتوقف عند حد العلاقات بين المملكة العربية السعودية وأميركا وحدهما؛ وإنما كان لكل دولة شاركت في القمم خليجية وعربية وإسلامية؛ نصيبها الذي سوف تجنيه إقليميًا وعربيًا وإسلاميًا ودوليًا.
- تناول الكثير من المراقبين والإعلاميين هذا الحدث بالتعليق والتحليل عبر منصات صحافية وتلفزية وغيرها، ومكثت أفكر في منجزات أخرَ كبيرة وعظيمة تحققت على أرض الرياض، لم يُلتفت إليها بما يكفي من قبل خمسمئة إعلامي حلوا بالرياض لمتابعة القمم الثلاث عن قرب. من هذه المنجزات الكبيرة والعظيمة التي تحسب للقيادة السعودية والشعب السعودي؛ الترحيب الكبير الذي قوبل به ضيوف بلادنا، وفي مقدمتهم الرئيس الأميركي ووفده الكبير وعائلته. ثم الأمن الوارف الذي وفره رجال الأمن لآلاف القادة والساسة ورجال الأعمال والدبلوماسيين والإعلاميين. المشهد العام في الرياض طيلة أيام الحدث؛ كان في قمة الأناقة والرشاقة والجمال.
- أخذت أتداول مع بعض صدقائي بعد الحدث العالمي الكبير؛ مسائل عدة منها: بناء مركز مكافحة التطرف في شهر..! ثم.. كيف تم في وقت قصير التخطيط لإنجاز الاتفاقات التي وقعت بين المملكة وأميركا في الرياض..؟ وما شكل التنظيم المتقن الذي كان خلف إسكان الضيوف وإعاشتهم، وهم من هم في مستوياتهم ودرجاتهم ومهامهم..؟ كم من الناس كان وراء مراسم الاستقبال والتوديع بهذا الإتقان الذي لم نر إلا القليل منه..؟ كيف جرى التحكم في إدارة برامج القمم الثلاث في حدود (24) ساعة..؟ وهي التي يتخللها دخول وخروج وحركة غير عادية، لا يضبطها لا زمان ولا مكان..؟!
- كيف استطاعت الرياض استيعاب أكثر من 55 دولة عربية وإسلامية وأوروبية في مزاجية فريدة للعمل السياسي المشترك، الذي يضع ثقله لإنقاذ منطقتنا العربية من فتن التطرف والإرهاب، ويوجه سهامه نحو منظمات ودول تعمل على تخريبه وتدميره..؟! أليس هذا هو إنجاز متفرد بحد ذاته؛ يحسب للإدارة السعودية؛ التي عرفت كيف توظف ثقلها الديني والسياسي والاقتصادي لخدمة شعبها، ومن ثم شعوب العرب والمسلمين كافة..؟!
- من مقار سفارات المملكة في أكثر من 55 عاصمة؛ إلى مدرجات المطار في الرياض حيث وصول الضيوف، ثم إلى فنادق السكن وقاعات الاجتماعات والمطار ثانية لمغادرتهم.. في كل شبر وكل دقيقة؛ سطّر المواطن السعودي هنا: أميرًا كان أو وزيرًا أو رجل أمن أو موظفا.. سطّر ملحمة بطولية في العمل المتقن، وفي الالتزام والانتظام وحسن الاستقبال؛ يحق له أن يفخر به طول عمره، ويحق لنا أن نفخر بهم طول دهرنا، وأن نجعل من هذه المنجزات الإدارية والتنظيمية التي تمت على أرض الرياض؛ دروسًا لمقبل أيامنا، ولمن يرغب الاستفادة منها، ممن عافاهم الله من أحقادهم، وشافاهم من أحسادهم.
- أليست هذه إنجازات (لوجستية) عالية المستوى؛ أدت إلى نجاحات سياسية فوق المستوى..؟