صيغة الشمري
أول ما صدر القرار الملكي الكريم بتعيين الوزير أحمد العيسى وزيراً للتعليم استبشرت خيراً لمعرفتي بفكر هذا الرجل وتأهيله التعليمي وأحسست بأن الوطن مقبل على نهضة تعليمية شاملة ستظهر نتائجها في الأشهر الأولى حيث سيكون هناك قرارات جذرية وحقيقية مختمرة في رأس هذا الأكاديمي المتخصص في السلك التعليمي والذي لديه كتاب ألفه سابقا عن مشكلات التعليم ووضع خططاً في هذا الكتاب لإصلاح التعليم، الكل ينتظر من حامل شهادة دكتوراة في التعليم ومؤلف كتابي»إصلاح التعليم في السعودية بين غياب الرؤية السياسية وتوجس الثقافة الدينية وعجز الإدارة التربوي) والتعليم العالي في السعودية: رحلة البحث عن هوية».
حيث إن هذين الكتابين يمثلان طرحا مهما جدا وتشخيصا دقيقا للكثير مما يعانيه التعليم من معوقات سواء فيما يخص المناهج أو فيما يخص العملية التعليمية بشكل كامل، عندما تطلع على هذين الكتابين تتمنى أن يستلم مؤلفهما زمام الأمور في التعليم لأنه سيكون أكثر من غيره قدرة على إحداث التغيير من واقع خبرة وفهم لا يضاهيهما أحد غيره، لكن ما لبث اليأس والإحباط يدب في قلوبنا مع تقدم الأيام دون حدوث شيء مما كنا ننتظره ونتمناه من رجل متخصص ومطلع ويملك الشجاعة الكافية على تغيير تعليم يئن تحت وطأة معوقات يعلم بها أكثر من غيره ويستطيع اجتثاثها بقرار واحد، كيف لا وهو الذي يرصدها منذ أكثر من ربع قرن ولديه إلمام كامل بها، القرارات التي كنا ننتظرها من وزيرنا الأكاديمي المؤهل أتت عكسية للأسف وغير متوقعة بتاتا، وليته أبقى الحال على ما هو عليه بل زاد الطين بلة بقرار يبدو أنه غير مدروس وغير محسوب العواقب، فكيف بوزير يحمل درجة الدكتوراه بفلسفة التعليم يصدر قراراً بإلغاء الدراسة عن بعد أو عن طريق الانتساب، قرار صادم ويفتقد للبعد الإنساني الذي يجعل التعليم مطلبا إنسانيا من متطلبات الحياة وليس من متطلبات الوظيفة، الناس عندما تتعلم عن بعد أو تدرس عبر الانتساب تبحث عن تطوير أنفسها وتفكيرها، خصوصاً أن أكثرهم مما عانى من ظروف اجتماعية أو مادية منعته سابقا من إكمال دراسته، كنا ننتظر قرارات تدعم انتشار التعليم ومكافحة التطرف عبر التعليم ولم نكن ننتظر مثل هذا القرار الذي يصب في زيادة تكريس الجهل وزيادة نسبة التربة الخصبة لنمو التطرف!