د. خيرية السقاف
هذه مشيئتك تمتد فينا يا الله, وبنا مذ قرَّت نُطفاً كانت في غيبك,
إلى غدونا بشراً ندب على الأرض في مثول نفوس تتنفس هواءك المُعْجِز
وتنام في غيبة حِفظك المُقَدَّر..
وبين يقظتنا ونومنا هذه مشيئتك حياة نحياها, وفرصاً تمدنا بها قد ندركها وقد نسلو عنها وننساها!!
وتمدنا بآياتك تهز فينا ما أودعت من عقل, وشعور, بما سخّرت فينا لنا من النظر والسمع والحس!!
ما الحكمة العظمى؟
وما المآل المنتَظَر؟
وما الواقع الممارس فيه خطواتنا؟!
مآربنا, غاياتنا, انشغالنا, انبهارنا, صغائرنا, كبائرنا, جدُّنا, هزلنا, رضانا, سخطنا, حبنا, كرهنا, سلامنا, عداؤنا .......
صغائرنا الخفية فينا, ظواهرنا المُعلَنة عنا,
ما بين, وبين, مما في كتابك السفْر الذي لا تغيب فيه لنا
لمسة, ولا همسة, ولا دعسة, ولا رفسة !!
إذ كم ندعس جمالاً قد وهبْتَ , ونرفس نعمةً بها قد جُدْت ؟!
وتمتد بنا مشيئتك, ونتمادى بما خيَّرت نحواً مولجَاً في الإسراف, مُغْدَقاً في التلاهي..
آياتك الجليلة حين تدك غفلتنا, نواجه حقائقنا..
تذرف الذات فينا هطول الألم,
تتفشى في جنوبنا شظايا الندم,
تشغف النفوس اتجاهاً لبابك لحظة ضعف, انبعاث خوف, حرقة جوف..
وأنت يا الله تُشرع أبوابك لا تواربها, ولا تغلقها وإن أغلقنا أبوابنا, أو واربناها ..
وتمدُّ إلينا بالفرص, وبالفُسح, وبالمجاديف, وبالمصابيح,
حبلك الموصول, وبحرك المأهول..
عذب شهرك العظيم رمضان, فراتٌ تندى بمائه النفوس
تطمئن لفرصه القلوب, تلج أبوابه العزائم وأنت الودود..
مشيئتك لنا أن ننهل, نرتوي,
ننهض من كبوات جوعنا, وفقرنا, وقلتنا, ومتاهنا..
فكرمك الذي لا ينضب, وعفوك الذي نأمل,
برحمتك التي تسع جُلَّنا, ونزْرنا تعاليت ربِّ..