كوثر الأربش
نفدت كل الأعذار، كل محاولات للتبرير. لقد حاولتُ ومنذ سنوات طويلة أن أحكي لنفسي - قبل غيري - قصة رومانسية عن الأخ الذي لا يصدقه أحد، لأنه فقط أصغر سنًا. أقسم أني حاولت. استعنتُ بالتروي، حسن الظن، التهدئة. وكان آخرها ما حدث بعد تصريحات الشيح تميم، أمير قطر أو بعد اختراق مواقع هامة قطرية. لا ندري أيهم أقرب للواقع، لكن ما يهمني أنّ هناك دخاناً كثيفاً، وعلينا أن نبحث عن مصدر النار!
التساؤلات متداخلة، ومتضادة ومعقدة، و قد بحثتُ في علبة الأعذار عن واحد أخير، لكني لم أجد حلاً مع تلك الأسئلة، التي ما عادت الأجوبة البسيطة تجدي معها. في خارطة الوعي السياسي يمكنك التصالح مع الخصوم إذا كانت مقيدة باتفاقات تضمن الأمن الوطني، العائد الاقتصادي والتنموي لكليهما. لكن ماذا يعني أن تتصالح مع إيران، إسرائيل ، حزب الله، حماس وجبهة النصرة معًا؟ كلٌ من هذه الجهات لها أفق وأهداف مختلفة عن الأخرى على ما يبدو. هل حقًا فعلت قطر كل هذا؟ أليس من حقنا أن نجد جوابًا؟ وأن لا يتركوننا للتخمين، لتصعيد بعض الإعلاميين، لسوء الظن ولظلام الشك. إيران دولة متطلّعة للبعيد، وعدوّة الخليج، يمكنها أن تؤمّن الدعم كما توفره للحوثي وللميليشيات في العراق، إسرائيل أيضًا تتمتع بقوة عسكرية واقتصادية ونفوذ، لكن إيران وإسرائيل ليسا على وفاق كما يظهر في المواقف السياسية وفي الإعلام ـ على الأرجح أنّ عداءهما مجرد رصاص في الهواء، عداء وهمي يبطن الكثير من المصالح المشتركة ـ هل حقًا لدى قطر نظرة أبعد منا جميعًا لم نتوصل لها بعد! هل تحاول أن تكسب ود طهران وتل أبيب معًا؟. حسنًا، يرى البعض أنّ خارطة الهُدن القطرية شملت جبهة النصرة، وحزب الله، التنظيمان الإرهابيان الرابضان على صدر سوريا! حماس وإسرائيل المتحاربتين في فلسطين! هل حقًا حدث هذا يا أختنا الجارة؟
فليخبرنا أحد ما الذي يحدث؟ دعنا نقول إنه نوع من السلام العالمي مع الجميع، هل ما يُقال عن دعم حزب الله وجبهة النصرة في آن واحد، تصرف يفهمه العاقل؟ حقًا، ما الذي يحدث؟ أسئلة تفتح بابًا لأخرى، لكنني سأتركها هكذا مشرعة، لأنّ الإجابات الحقيقية لن نعرفها إلاّ من المصدر الفعلي، من قلب قطر ذاتها.
فيا إخوتنا، إنْ لم تشفع قرابات الدم، فلتشفع الجغرافيا. وإنْ لم يشفع الغد، فليشفع الماضي، ألا نستحق بيانًا رسمياً يضع النقاط على الحروف، يوقف الظنون والتخرصات بالعلم اليقين؟ كرسي قطر سيبقى فارغًا، لأنه لا يعوّض مكان الأخ أحد، ولأنّ اعتباراتنا مازالت إسلامية، أخلاقية وإنسانية، قبل أن تكون سياسية محضة. نحن بانتظاركم، ومازال في أحضاننا متسع.