الجهود التي يقوم بها الوزير النشط عادل الجبير وزير الخارجية السعودي في العاصمة الروسية موسكو مع نظيره وزير الخارجية الأبرز في الحكومة الروسية سيرغي لافروف هي جهود مشكورة مباركة وجهود جبارة بكل ما تعنيه الكلمة أشبهها بمن ينحت في حجر!!
وهذه الجهود تجعلنا ننتظر النتائج المرجوة من هذه المباحثات والمحادثات والمفاوضات بالتفاؤل والأمل.
ولعل أهم ما يميز هذه المحادثات أنها تقع تحت ضغط دولي أممي كبير لحلحلة القضية السورية الشائكة مع تباين في المواقف بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الروسية.
خاصة ونحن نعلم الدور الكبير والخطير الذي تلعبه حكومة موسكو في دعم حلفائها في المنطقة الإيرانيين والنظام السوري والحوثيين في اليمن.
على أرض الواقع وفي المحافل الدولية وفي يوميات بشار مع شعبه الأعزل يوميا من خلال مشاركة فعلية معلنة على رؤوس الأشهاد.
فلو قدر للدبلوماسية السعودية اختراق هذه التحالفات وحلحلة المواقف الروسية من حلفائها في المنطقة لسجل ذلك نجاحا فوق ما نتوقع!!
الروس في أرض الواقع ومن خلال المتابعات للقضايا التي تعيشها منطقتنا العربية والإسلامية هم الأكثر تأثيراً!
وإذا استطعنا أن نوقف دورهم أو نغير مواقفهم أو نحجمها بعدها نجزم أن كل القضايا العالقة في المنطقة في طريقها إلى الحل.
الوزير الجبير من خلال محادثاته مع الوزير سيرغي أبدى ارتياحا وتفهما من سير هذه المحادثات ونتائجها المتوقعة التي ستحقق نقلة كمية ونوعية في ترسيخ وتوثيق وتطابق العلاقات والمواقف السعودية الروسية.
الفرصة مواتية للدبلوماسية السعودية أن يكون لها واقع ودور ملموس في ظل الوتيرة المتصاعدة والمتباينة بين الروس والأمريكان وبين الروس وحلفائها من جهة أخرى.
خاصة بعد موجة الانتقادات الدولية والعالمية للحكومة الروسية التي أحرج معها الروس كثيرًا بعد استخدام النظام السوري للأسلحة المحرمة دوليًا في خان شيخون.
تلك الانتقادات التي كان للروس نصيب الأسد منها بل جعلت الأمريكان يوجهون أصابع التهم صراحة للحكومة الروسية التي ستظهرها التحقيقات الجارية على الأرض السورية، والتي ترتقي إلى جرائم حرب.
إذا عرفنا أن الدبلوماسية تعني فن الممكن وهي التي تحق المعادلة المشهورة في العلاقات الدولية لا صديق دائم ولا عدو دائم، فإن فرص نجاح الوزير الجبير تجعلنا نزيد في آمالنا أن القادم من الأيام يحمل في طياته بأن الخارجية السعودية سيكون لها تأثير بالغ خاصة في القرارات وتغيير أو تحييد المواقف الروسية.
هذا يجعلنا نرقب غدا مشرقا في مستوى تطابق وجهات النظر وتقارب العلاقات مع الجانب الروسي.
الذي سينعكس على مجمل القضايا العربية والإسلامية مع نظام الملالي في إيران وأتباعهم ولي الفقيه والنظام السوري والحوثيون في اليمن.
والمطلع والمتبع لسير المحادثات السعودية الروسية يستطيع أن يسجل أن هناك أمورًا مبشرة تلوح في الأفق وفق المعطيات التي سبق سردها.
فقد أدلى كل من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره السعودي عادل الجبير بتصريحات اتصفت بأنها ودية، لكنها لم تخف الخلاف بين البلدين في العديد من وجهات النظر في القضايا المطروحة بين البلدين.
قال الوزير الجبير: سنعمل على وضع حد لتدخلات إيران في المنطقة وقال إنه لا مكان لبشار الأسد في مستقبل سوريا.
فيما دافع نظيره الروسي عن تدخل إيران وحزب الله بسوريا.
وقال الجبير إن السعودية تنسق مع روسيا المواقف بشأن الأزمة في سوريا.
وأيد إجراء تحقيقات بشأن الهجوم الكيماوي في خان شيخون السورية قائلا: يجب أن يدفع النظام السوري ثمن استخدام الكيماوي.
وشدد الوزير الجبير على أنه لا مكان لرئيس النظام السوري بشار الأسد في مستقبل سوريا ولا مكان لمليشيا حزب الله في أي مكان في العالم.
واستطرد: نعمل على وضع حد لتدخلات إيران وحزب الله في المنطقة.
وقال لافروف على الرغم من تباين الرؤى بين السعودية وروسيا بشأن سوريا إلا أنه لا توجد أي خلافات لا يمكن تجاوزها بشأن تسوية الأزمة السورية.
وأضاف: إننا نقدر عاليا تعاوننا والتفاهم المتزايد حول العديد من المسائل، ليس مسائل السياسة الدولية فحسب بل ومسائل تتعلق بعمل الأسواق الدولية للموارد الطبيعية.
ودافع لافروف عن تدخلات إيران وحزب الله بسوريا وقال إنهما تدخلا بطلب من النظام مشددًا على أن بلاده لا تعتبر حزب الله منظمة إرهابية!
ودعا الوزير لافروف إلى إشراك كافة الأطراف السورية والجهات المؤثرة لحل الأزمة معبرًا عن تأييده لما قاله الجبير بشأن إجراء تحقيق حول هجوم خان شيخون الكيماوي.
هذه التصريحات وهذه المفاوضات من شأنها تقريب الرؤى ووجهات النظر بين الجانب السعودي والروسي وبالتالي تقريب المواقف وهذه تحسب للخارجية السعودية التي تحمل على عاتقها هذا العبء الكبير والمصيري للمنطقة برمتها.
نقدر للوزير الجبير هذا الجهد الواضح البين مع أنه كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى أو أبعد من ذلك فوق حقل ألغام تكاد تنفجر بين الفينة والأخرى.
لكن الوزير الجبير دائما يفاجئنا بأنه رجل المرحلة وأن سفينة الخارجية السعودية يقودها ربان ماهر يستقي أوامره من الله أولا ثم من مليكه جاعلا وطنه نصب عينيه وأمته ومصيرها الهاجس والأمل لغد مشرق بإذن الله، والله معاه.
** **
- الرياض
phsultan2013@hotmail.com