جاسر عبدالعزيز الجاسر
ليس الآن، ولا بعد تكشف الأدوار الخفية لدولة قطر وعلاقاتها المريبة بكل المنظمات والمليشيات الإرهابية ومن كلا المذهبين، فالعلاقات لم تقتصر على الإخوان المسلمين، بل هناك علاقات مستمرة مع حزب الله اللبناني لم تنقطع منذ تكفلت دولة قطر بدعم الحزب في جنوب لبنان وتحويل عملياته داخل لبنان وخارجه، كما أن لقطر صلات مستمرة مع كل الجماعات المتطرفة من جبهة النصرة إلى داعش والحوثيين في اليمن، وجماعة الوفاق في البحرين، وقد أبرمت قطر وعبر مسؤولي المخابرات العديد من «صفقات الوساطة» بين تلك المنظمات الإرهابية والجهات التي تستهدفها تلك المنظمات بالخطف أو الإرهاب، وقد توسطت بين النصرة والحكومة اللبنانية، وبين حزب الله اللبناني عبر نظيره العراقي لترتيب عمليات تفريغ المدن السورية وإجراء تبادل بين المحتجزين السوريين من السنة في ريف دمشق والشيعة في ريف إدلب وخارج الوطن العربي، تواصلت مع طالبان لعقد مصالحة مع الحكومة في أفغانستان.
كثير من الصفقات المريبة والعلاقات المشبوهة التي تتم دائماً عبر وسطاء من قطر وجميعهم من مخابرات هذه الدولة التي أشغلت الجميع، مما يدفع المتابعين لهذه التصرفات عن أهداف هذه الأعمال وعن الاستفادة التي تجنيها قطر وأهل قطر من هذه المغامرات غير المضمونة العواقب، فالعرب يقولون من يعبث بالنار لا بد أن يحرق بها، وأن من يلعب مع الثعابين يتعرض للدغاتها.. فهل تعي قطر أن النار ليست بعيدة عنها، وأن الثعابين قد استوطنت أرضها.
كل هذه الممارسات والنهج الذي سارت عليه قطر لم تكن جديدة أو مستحدثة، فقد رصد المتابعون أن قطر ومنذ الإطاحة بالشيخ خليفة وتسلم حمد مسؤولية الحكم لاحظ هؤلاء المتابعون تغيراً في نهج وسلوك الدولة وميلها لمعاكسة وحتى عداء جيرانها من دول الخليج العربية، وجاء إنشاء محطة الجزيرة لتكريس هذا الاتجاه العدائي، إذ تفرغت تلك المحطة لكيل التهم ونشر الأكاذيب عن دول الخليج العربية، وبالذات المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، ومثلت محطة الجزيرة التلفزيونية ظاهرة صوتية عالية ونبرة عدائية المحتوى لكل العرب في محاولة استنساخ لظاهرة صوتية فاشلة مثلها أحمد سعيد في صوت العرب التي انتهت بنكسة حزيران فيما يتوقع أن تنتهي ظاهرة قطر التلفزيونية بنكسة أو كارثة نتيجة للتصرفات التي يقوم بها من آلت إليه قيادة البلاد، وإذا كان المراهق الشخص تقتصر أفعاله على شخصه وقد تصل آثرها السلبية إلى عائلته، أما القيادات المراهقة للدول فإنها تمتد إلى محيطها الإقليمي فضلاً عن الآثار التدميرية السلبية للدولة التي تديرها، وهنا وفي حالة قطر فإن ما تقوم به من أفعال وتصرفات شاذة تحرج كثيراً المنظومة الإقليمية التي تنتمي لها ولا تزال عضواً فيها، فمجلس التعاون لدول الخليج العربية يواجه إحراجاً شديداً ودائماً من تجاوزات القيادة القطرية فلا يمر عام إلا وترتكب أخطاء متعمدة تشغل قيادات دول المجلس وتصرف كثيراً من وقتها لمعالجة وآثار تلك الأخطاء.
هذه التجاوزات والإصرار على ارتكاب أخطاء كبيرة متعمدة لا يمكن أن تقبل باقي دول مجلس التعاون استمرارها، وهو ما يتطلب اتخاذ موقف حاسم يفرض على قطر الالتزام بمصالح دول الخليج والدول العربية أو إنهاء الإحراج فك العلاقة مع عضو مشاغب.