سعد الدوسري
في أول يوم من أيام رمضان، وخلال ساعات النهار، غرّد أحد الذين يدّعون بأنهم يفهمون الدين أكثر من غيرهم، تغريدةً يحث فيها الآخرين بعدم متابعة أحد البرامج التي تستضيف شخصيةً دينيةً لا تعجبه، واصفاً إياه ب «الزنديق»! وسواءً اتفقنا أو اختلفنا مع تلك الشخصية، فإن الشاهد هنا ليس الاتفاق أو الاختلاف. الشاهد هو؛ كيف تلوث لغتك بهذه المفردات، وأنت صائم؟! كيف تصف مسلماً بأنه زنديق، وأنت تعرف أن هناك ألوفاً تتابعه، ومن بين هؤلاء الألوف أخوان وأخوات وجيران لك؟!
الثقافة المتحجرة، قاموس اللغة غير اللائقة، رفض مبدأ الحوار، الاستعلاء والفوقية؛ كل هذه السمات التي كانت قبيلة هذا المغرد تتصف بها، لم تعد فاعلة. لقد تغير الناس، وبدأوا يقيّمون الآخرين، من خلال معطياتهم، وليس من خلال هجومهم الدائم على كل من يخالفهم، حتى أن أسهمَ من يخالفهم أخذتْ ترتفع، سواءً ذلك «الزنديق»، أو «زنادقة» غيره!! وبقى احترام وتقدير الناس للذين يطرحون آراءهم واختلافاتهم، دون أن يتعرضوا لشخص من يختلفون معه، ويتيحون له الدخول معهم في حوار راق، يخدم المتابعين والمهتمين، من الفريقين.
إن الذين لا يزالون يتنطعون بنجوميتهم الدينية، ويستخدمونها لضرب الآخرين في فكرهم أو في شخصهم، ربما يكونون في آواخر أيامهم. لقد انصرف الناس عنهم، واتجهوا للبدائل المنفتحة، وللمساحات المبهجة، وللآفاق الخالية من التناقض والانتهازية.