سعد الدوسري
بعد أن قرأتُ قصة التضحية التي ضحّى بها رجلان أمريكيان بحياتهما، في سبيل الدفاع عن فتاتين مسلمتين، تعرض لهما بالإهانات رجلٌ أمريكي عنصري، على متن قطار في مدينة بورتلاند الأمريكية، تمنيت لو كانت هناك جهود مشتركة لسفارات الدول الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، للقيام بواجب العزاء لعائلة الفقيدين، تاليسين ميتشي وريكي بوست، أو لتكريمهما بأي شكل من الأشكال.
يجب ألا تمر مثل هذه الحادثة، دون أن نستغلها استغلالاً يليق بها. فالضحية الأولى لهذا المتعصب المجرم، شاب تخرج حديثاً، وهو وحيد والدته. أما الضحية الثانية فهو ضابط متقاعد يبلغ من العمر 53 عاماً، ويعول 4 أطفال. وكلاهما لم يفكرا، ولو لوهلة، بحياتهما أثناء دفاعهما عن فتاتين مسلمتين، ليستا من ديارهما، من وحشية رجل من جنسيتهما. وما قاما به، يمثل الحلم الذي يسعى العالم المتحضر لتحقيقه، في مواجهة التطرف والعنصرية، وفي بناء عالم متعايش ومتحاب. فهل هناك أكثر تجسيداً لهذا الحلم من تضحية هذين الأمريكيين غير المسلمين بحياتهما، للوقوف في وجه متطرف من ديانتهما؟!
كل حوادث التطرف التي جرت في أوروبا وأمريكا، تم استغلالها، من قبل وسائل الإعلام للنيل من العرب والمسلمين، فلماذا لا نستغل نحن هذه الحادثة، ونتواصل بمودة ووفاء مع عائلة الفقيدين البطلين، ونكرمهما كرموز للتآخي بين الأديان، وللتسامح فيما بينها؟! لماذا نجعل أم تاليسين، وأطفال ريكي، يشعرون بأن حياتهما ذهبت هباءً؟!