جاسر عبدالعزيز الجاسر
كعادتها، هرعت القيادة الكويتية للتوسط بين المملكة والبحرين والإمارات، والشيخ تميم الذي نقض ما اتفق عليه في الرياض قبل أيام قليلة ومثلما نقول «قبل أن يجف خبر الاتفاق» مثلما نقض ما اتفق عليه بعد وساطة القيادة الكويتية وأحضر الشيخ صباح الأحمد تميم للرياض للتسامح مع الملك الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وقد أبرم أمير قطر اتفاقاً من سبعة بنود حتى توافق المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة على إعادة سفرائها إلى الدوحة.
طبعاً يعلم الشيخ صباح الأحمد أن أيّ من البنود السبعة التي تعهد الشيخ تميم بتنفيذها في الاتفاق السابق، وكذلك ما وُقع عليه في الرياض سواء في قمة دول مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية، وفي القمة العربية الإسلامية الأمريكية لم ينفذ منها بنداً واحداً بالرغم من أنّ الاتفاق يلزم جميع القادة ودولهم التي حضرت تلك القمة بتنفيذ ما اتفق عليه لمحاصرة الإرهاب والبدء في تنفيذ إجراءات محاربة الإرهاب وبالأخص تجفيف التدفقات المالية، وأن هناك آليات ورصد دقيق، وأنشئت مراكز ومعاهد لمتابعة من يخرج عما اتفق عليه في الرياض. هذه المرة لن يقتصر الأمر على منظومة مجلس التعاون التي مازالت لا تريد إغضاب إحدى أعضائها من الدول الست حتى وإن خرقت نظام مجلس التعاون الأساسي، فالذي يتابع ويراقب ويرصد معاهد ومراكز دولية تشارك فيها أمريكا عبر وزارة الخزانة، والمخابرات المركزية ودول إقليمية محورية لها باع طويل في رصد التجاوزات، وهذه الدول مثل أمريكا لا يمكن أن تقبل بأسلوب «حب الخشوم» والمجاملة لتجاوز كل ما ارتكبته قطر، وهي أعمال لا يقتصر تهديدها لأمن الدول الثلاثة «المملكة والبحرين والإمارات» بل يتعدى ذلك لتهديد أمن الخليج والعرب.
الأمريكيون يؤكدون أن لديهم وثائق وأدلة كافية على أن قطر دعمت داعش وجبهة النصرة بالأموال والأسلحة وأن قطر كانت الطرف المقبول في إتمام صفقات التبادل والوساطة مع داعش أو النصرة والذي توسع لعقد الصفقات مع الأذرع الإرهابية الإيرانية، وآخرها مع ما تم مع ميليشيا حزب الله العراقي، ثم تقديم نصف مليار دولار أمريكي إلى الحشد الشيعي العراقي.
تمويل وعقد الصفقات مع المنظمات الإرهابية الأكثر إجراما، والأكثر انخراطاً في الإرهاب والتي يتكتل العالم بأجمعه لمحاربتها، يجعل من دولة قطر واحدة من منظومة الدول الشريرة التي لا يمكن لأحد أن يقبل التعامل معها وليس بقاؤها ضمن منظومة إقليمية كمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
سواء نجح الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الذي لا يشك أحد في صدق نواياه وحبه لإزالة أي خلافات بين أهل الخليج، إلا أن هذه المرة، المهمة صعبة، فحتى إن استطاع أن يضيق رقعة الخلافات مع قطر، إلا أن الأيام القادمة ستكشف المزيد من «فضائح» قطر سواء في تقديم الدعم والأموال للإرهابيين في تنظيم داعش، أو النصرة، والحوثيين، والحشد الشيعي، وفي شراء وتقديم الدعم لشراء الأسلحة وتمويل، وإرسال المرتزقة إلى ليبيا، والإسهام في تخريب استقرار دول عربية وبالذات مصر من خلال دعم وتزويد من يعاديها وبالذات من الإخوان المسلمين بالأموال والمعلومات لتدبير العمليات الإجرامية والإرهابية.
كل هذه الأعمال والسجل الذي بدأ فتحه وكشفه يجعل من بقاء قطر في منظومة مجلس التعاون مجرد وقت، وأن أي وساطة لإعادتها إلى السرب الخليجي لا معنى لها، إلا إذا تخلت القيادة القطرية عن نهجها في تعاملها مع الإرهابيين ومع المعادين للخليجيين والعرب وهذا لا يمكن أن يتم إلا إذا غيرت القيادات والأشخاص وذلك ليس بالغريب والصعب في قطر التي اعتادت على ذلك وفي فترة وجيزة.