د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
مرصد عملاق بمنهجية علمية عملاقة أيضاً، هدفه التعامل مع الفكر المتطرف وتحليل محتوياته، وردم منابعه، ومواجهة متزعميه في حنادسهم المظلمة بكشاف ذكي مختلف؛ أنشأته حكمة القيادة في بلادنا المملكة العربية السعودية ذلكم هو المركز العالمي لمكافحة التطرّف «اعتدال» ولقد أبدعت السياسة السعودية في توقيت إطلاقه خلال انعقاد القمم «السعودية العربية الإسلامية الأمريكية» أثناء الزيارة التاريخية الحافزة لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية لبلادنا العملاقة أيضاً، وذاك من مؤشرات الوعي بالأهمية والحاجة الدولية للتعامل الحديث مع التطرّف كواقع بغيض قلب موازين الاستقرار في كثير من بلاد العالم، فكان المركز الدولي لمكافحة التطرّف من ثمار تعاون بلادنا المحفزة في عهودها المزهرة مع كل منصات مكافحة الإرهاب في العالم التي أثبت الواقع أن الفكر المتطرف هو أوار الإرهاب ومشعِل فتيله.
والاعتدال أصل الاستقامة وهي من ممكنات الأمن ووقايته من تماهي وتمادي الفكر المنحرف، ومركز مكافحة الفكر المتطرِّف «اعتدال» صيغة جديدة من الصيغ الجادة التي تبنتها بلادنا الغالية في جهودها الرامية لمكافحة الإرهاب والذي حققت فيه بعزم قيادتها ورجال أمنها مكاسب وطنية ودولية كبيرة، وعندما قررت بلادنا إنشاء مركز مكافحة الفكر المتطرف كان مستهدفها صناعة الفكر السليم المعتدل، حيث أدركت بلادنا بقيادتها الحكيمة أن واقع العالم اليوم وأحداثه وما يحيط به من تصعيد من كافة قنوات الفكر المنحرف الذي خدمه إعلام منحرف أيضاً؛ أدركت بلادنا حتمية التحول إلى محاربة التطرّف من خلال صناعة مستوعبة سريعة النتاج والنتيجة؛ وأيقن قادتنا حفظهم الله أن التطرّف فكر ممتد تعددت مصادر تكوينه وتنوعت محطات انتشاره فلابد أن يكون لمركز مكافحة الفكر المتطرف صفة الدولية فعملتْ العقول السعودية المخلصة بخبراتها في محددات الفكر الإنساني وتحولاته وبما يملكه المخلصون المستقطبون لذلك المحضن الوقائي العلاجي الجديد من ممكنات استيعاب أهدافه وأساليب الوصول السريع الممنهج لها؛ يردف ذلك قوة تقنية ضاربة تستطيع قراءة كم الأفكار الصادرة من بيئات التطرّف في هنيهات من الزمن، والحقيقة أن التقنيات غير المسبوقة هي حلة «الاعتدال» وسلاحه القوي القادم، وللمركز الدولي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال» أهداف رُسمتْ بدقة ووعي واستيعاب للواقع والأهمية واستشراف للنتائج المقبلة وموجزها نشر الاعتدال وتعزيز انتشاره وتسكين الفكر المعتدل النامي في قناعات الشعوب؛ ومن خلال صفّة المركز العالمية فإنه سيكون مرجعية في دحض الفكر المتطرف وتفكيك مكوناته، ونشر الفكر المعتدل وبناء منصاته في بيئات الشعوب أيضا، ومن اللافت الممكّن لتلك الأهداف أن إطلاق المركز على أرض عاصمة بلادنا ذات العدل والاعتدال شهده معنا قادة العالم المحبة للسلام واعترفت به الأمم المتحدة واعتبرته تتويجا للجهود العالمية المبذولة لمكافحة الفكر المتطرف.
ونعلم أن قضايا الفكر معقدة ولكن عزم مركز «اعتدال» على تحليل المضامين والمحتويات الفكرية المتطرفة ومن ثم كشف موجهاتها، وتفعيل الإعلام البصير الذي يسلك سبلاً فجاجاً لنشر التوسط والوسطية والاستقامة السياسية والاجتماعية لتحقيق التنمية الفكرية المتحضرة وتثبيت الاستقرار والأمن؛ كما أن الحراك المتطرف المصاحب للخطاب الفكري المتطرف أيضا لابد أن يأخذ صياغة تحويلية جديدة وداعمة، ويبقى واقع البيئات التي يسيطر عليها الفكر المنحرف المتطرف من الجذور التي يجب أن تقوم فتعتدل قبل موت الحياة من خلال ذلك الفكر؛ حيث إن ذلك الفكر حرمها الوئام والسلام ونحى عن التسامح الديني والرغبة في عمارة الأرض والانفتاح على مناكب الحياة وجمالها والطاقات المعتدلة فيها.
ونحن والعالم مثلما أسعدنا إطلاق جذوة مركز مكافحة الفكر المتطرف «اعتدال» (لنرجو فوق ذلك مظهراً) ونستشرف تحقيق ثقافة الاعتدال بين الشعوب، ومد جسور السلام والأمن في العالم من خلال صناعة حديثة في قوالب جديدة قوامها محاربة الفكر المتطرف بفكر نقي قويم، وأن يملك المركز قدرات فوارة تجذب الإقناع والقناعة بالاعتدال كقيمة إيمانية نفيسة وكقوة إنسانية ضاربة في العمق وكثقافة حضارية نامية ممتدة وكقوة مؤكدة على اختراق واقع الفكر المتطرف وهدم منصاته وصياغة الواقع العالمي بخطاب الاعتدال والعقل.
حفظ الله بلادنا وقيادتنا ودامت بلادنا للعدل والاعتدال موطناً
أكرم به وطناً بالمجد متشحاً
بالفضل مئتزراً بالجود والعظم