عبدالرحمن بن إبراهيم أبو حيمد
حياة الإنسان مراحل وتجارب، لا يكاد ينهي واحدة حتى تبدأ الأخرى، وهكذا تتجدد حياته، وتتعدد مهامه وواجباته، ولا يجد الملل إلى نفسه سبيلاً. ظننت أنني قد أكملت خدمتي لوطني ونفسي ولمن يعز عليَّ بخدمة أربع وأربعين سنة في أجهزة الدولة، وعزفت عن أعمالي الخاصة تاركاً لأولادي حرية التصرف فيها، وظننت أن عضوية المجلس لا تشكِّل عبئاً ومسؤولية خاصة في مؤسسة كالجزيرة للصحافة والطباعة والنشر متكاملة البناء، عريقة الوجود، متطورة الهيكل والنظام، وهكذا استمررت في تلك العضوية خمسة عشر عاماً. والحق أن هذه المدة مرت سريعة، وذلك للتعاون والتناسق بين أعضاء المجلس من جهة وإدارة المؤسسة من جهة أخرى ومع أعضاء الجمعية العمومية، وكذا حكمة وقدرة رئيس المجلس الصديق الوفي الشيخ/ مطلق بن عبدالله المطلق. وكنت أعتقد أن هذه السنوات كافية، وأن الوقت حان لوجوه جديدة في المجلس، ولكن الظروف المحيطة، والعوامل المؤثرة جعلت الاعتذار غير مقبول، وشاء الله جلت قدرته ألا يجدد لي أعضاء الجمعية العمومية وأعضاء المجلس المنتخبين كعضو في المجلس كما كنت سابقاً، وإنما كرئيس للمجلس، وهو شرف أعتز به، وثقة من الملاك ومن الأعضاء أفتخر بها، أو سوف أسعى بكل ما أوتيت من جهد وقوة إلى المحافظة عليها. ولا شك أن التحديات للفترة المقبلة كبيرة وشاقة، فالإعلانات التي هي مصدر أساسي للدخل تقلصتْ، والاشتراكات من الهيئات الحكومية والأفراد قلَّتْ، وأسعار المواد من ورق وأحبار ارتفعت، ومع ذلك كله فإن الجزيرة - والحمد لله - قطعت شوطاً كبيراً من التأهل والتأهيل، فحصلت على مطابع حديثة بأسعار معقولة، وحدَّثتْ مبانيها، وأهلت أطقمها التحريرية والمالية والإدارية، وسمعتها ومكانتها عالية نتيجة لما استثمرته الجزيرة في كراسي البحث مع الجامعات السعودية. كل ذلك التناسق والتوافق والتشاور السائد بين أعضاء المؤسسة كبير ومفخرة، ورصيده من الأمور المطمأنة أن المسؤولية موزعة على عناصر أكفاء في المجلس والإدارة وفي التحرير، والإخلاص والحماس سائدان لدى الجميع. إننا نحن نستلم الراية من المجلس المنتهية ولايته لنشيد بالمنجزات التي حققها المجلس في المجالات كافة، وخصوصاً ما بذله سعادة رئيس المجلس السابق الشيخ/ مطلق بن عبدالله المطلق وأعضاء مجلس الإدارة السابقون الذين قادوا المؤسسة إلى تحقيق نجاحات باهرة في المجالات كافة، ونبتهل إلى العلي القدير أن يوفق المجلس الجديد فتخطي الصعوبات التي تواجه المؤسسة، وأن يعود بالمؤسسة إلى سابق عهدها في العطاء والانتشار والشمولية. وأملنا كبير جداً في دعم وتأييد حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين وولي ولي العهد - حفظهم الله جميعاً - الذين عودونا دائماً على دعم المؤسسات الإعلامية وموآزرتها في المواقف الصعبة، لاسيما وهم يدركون مسؤوليات الصحف الإعلامية وواجباتها وما تقوم به خدمة للدين والملك والوطن.
والله الموافق والهادي إلى سواء السبيل،،،