عبدالحفيظ الشمري
«الأودية السياحية» مفهوم، أو مسمى جديد، بدأ بالتشكل والظهور مع محاولات العودة إلى جوهر الطبيعة ومكنونها الفطري، وتأسيس منطلق بيئي حقيقي، يمكن له أن يشكل نواة مناسبة للاهتمام بالأرض، وما تكتنزه من مكونات طبيعية؛ ستكون مصدر دهشة وإلهام للمجتمع، الذي ينتظر بناء علاقة مؤثرة مع معطيات السياحة البيئية، والترفيه المحلي في الريف والأودية، والمكونات الطبيعية من حولنا.
فالمسمى الجديد للأودية سيشمل حتماً مختلف المناطق في بلادنا، والتي قد يصعب حصر ما يمر بها من أودية، ومكونات طبيعية، كما أن لدينا هذه الأيام تجربة نابهة ومتميزة، انطلقت منذ أعوام؛ تمثلت بمشروع تأهيل «وادي حنيفة» في منطقة الرياض ـ غرب العاصمة ـ والذي يعد خطوة أولى أسست لمفهوم سياحي بيئي متميز، بات مع الوقت يتطور ويتميز، بل ويستنسخ مثاله في مناطق أخرى.
وإضافة إلى مشروع تأهيل «وادي حنيفة» سعت بعض المناطق إلى تفعيل هذا الدور، وإنجاح هذه التجربة، لنجد أن هناك أودية وشعاباً باتت تعد مصادر جذب سياحي في مختلف المناطق، كأودية الجنوب .. أبها وجازان ونجران، وكذلك مناطق المدينة المنورة، فقد بدأت في تجهيز هذه الأودية، كونها بيئات شبه متكاملة العناصر، كالتضاريس الجبلية، والمياه المناسبة، والأشجار الدائمة، لتكون مقصدا للسياح، ومحبي الرحلات البرية.
فقد أسهمت الجهود التنظيمية والمادية في انطلاق مشاريع تأهيل هذه الأودية، على نحو إعداد الخطط، والدراسات، والمسح الأرضي، ورصد المبالغ والميزانيات، إضافة إلى الجهود المعنوية المتمثلة في العمل الإعلامي والتقارير الصحفية، ومهام التصوير، والأفلام القصيرة والمعارض التي تكتشف لنا الكثير من المواقع الحيوية للأودية؛ لا سيما في ظل وجود مقومات حقيقية كالماء، والأشجار، والتكوينات البيئية والصخرية المثيرة للاهتمام.
ولا شك أن الأودية ومثلما هي مهمة لمشاريع السياحة والترفيه فإنها صديقة للبيئة، حيث تسعى جهود الجهات الخدمية ذات العلاقة بإعادة هيبتها، من خلال مساعدة فرق الصيانة والمتابعة على أداء أعمالها، وسن الأنظمة واللوائح التي تدعم وجودها، وتمنع العبث بأسسها ومكوناتها، وتحد من الأذى الذي قد يقع عليها؛ على نحو تجريف البطاح، واقتلاع الأشجار، وانعدام النظافة، ورمي المخلفات، والكتابة العبثية على الجبال والكهوف، والأماكن الأثرية التي سبق وأن حددت معالمها بسياجات وبلوحات إرشادية ودلالية غاية في الأهمية.
ومن أهم مقومات مشاريع «الأودية السياحية» هو أن يتم العمل بها تصاعديا ووفق ما رصد لها من ميزانيات، إضافة إلى خطوات التعريف بها، وتسهيل الوصول إليها من قبل السياح والمتنزهين، وأن تكون معدة ـ قدر الإمكان ـ للسياحة البرية في فصل الشتاء، وكذلك مجهزة لمن أراد في فصل الصيف على نحو تجهيز المظلات والعرائش والجلسات المسائية.
والأولوية في اكتمال مشاريع «الأودية السياحية» تتمثل في توفير الطرق البرية، ومحطات المحروقات، والنزل، والاستراحات الشعبية، وتجهيزها بشكل مميز. أضف إلى ذلك أهمية العناية بالأودية من حيث درء مخاطر السيول في الأودية الكبيرة والعميقة، وتجنيب مرتاديها الأخطار المحتملة.