د. خيرية السقاف
لابد من محطة يقف فيها المسافر ليستزيد
ينهل ما يشدّ أزره, ويفسح لتأمُّلاته,
ما يمكِّنه من شحذ وقوده, والركون قليلاً لذاته..
والكاتب مسافر, يعب من محبرة, ويرفد في الطريق!!
ليست دعة أن يضع الكاتب قلمه في غمده, قبل أن يكون قلمُه نحتاً من خشب, وكياناً من معدن لصيق إصبعيه, يتحرك ببصماته, وينقل دقيق مشاعره, وانفعالاته, ولا حتى بعد أن أصبح قلمه لوحة أحرف بلاستيكية هي الأخرى عضيد بصمته, رفيقة نظرته, وفكرته فيغلقها ويمضي !..
ليست دعة أن يدع الكاتب لبرهة من الوقت قلمه بأيِّ أشكاله, وألوانه حين وسيلة التعبير تنعم بزمنها, وتتجلى بمناسبتها, ويبقى معوله الرئيس كلمته, ومضمونه, جُملته, ومكنونه !!
إنّ حال الكاتب وهو يغذ في لحظة البوح مشدود الهمة نحو قارئه, لا يضاهي عطاءَه اكتنازاً وصولُه لمحطة, ولا انتقالُه للحظة,..
فالكتابة له نفَسٌ يصَّاعد بحياته معنى, ويستقرّ بها مبنى,
في تبادل حميم مع مبدأ, وقيمة, وحسٍّ, وخلق..
رسالة تتضافر أركانها, تتآلف جزيئاتها, تشد عصبتُها أزر بعضها !!
لذا الكتابة رسالة وإن نحت تشكيلاً مبدعاً بلغة تعبيرها,
أو اتجهت رسماً بفكرة تغوص في حالة, أو تمس ما يطوف..!!
في مثل هذه الأيام من كل عام, تكون محطة الطريق بيني وبينكم..
مذ «لما هو آتٍ» طريق سفري إليكم, ونزولي بينكم,
مذ «الجزيرة» وطن القرى التي أجدكم فيها, والمدن, والبيوت, والمكاتب,
مذ كانت, وتكون المحطات ملاذاً للوقوف,
لفرد اليدين على اتساعهما استنشاقاً, لشهق المزيد..
أستميحكم قرائي الأعزاء الطيبين, الخلَّص الصادقين,
بالإيذان لي بالوقوف في استراحة المحطة لبضعة أسابيع..
متمنية لكم تمام صيام مقبول, وجائزة قبول, وتوفيقاً وسعادة..
ولأبي بشار, أخي خالد المالك رئيس التحرير امتناني, وتقديري حرصه, وعنايته,
ولكلِّ من في الجزيرة من مكتب التحرير, للمصححين الأفاضل الذين أقلقتهم لنقطة فارة عن حرف, أو خطأ في رسم كلمة, أو سقط في جملة,
قد كانوا جميعهم خير رفقة, وأوسع صدوراً..
وكلّ عام والوطن الطيب بخير, وأمان..