عبده الأسمري
مسكون بالمعرفة مكنون بالأدب.. نشأ بين ظلال روحانية أصيلة فامتثل لعبق المكان وانتشى في درب عنوانه المجد وتفاصيله العلا.. شخصية مركبة تتشابه مع مركبات تخصصه العلمي وسيرة مشكلة تشبه الفلسفة في قوافي قصائده.كيميائي وأديب مهيب ودبلوماسي رفيع ووزير مبدع.
انه سفير الوطن لدى دولة المغرب وزير الثقافة والإعلام السابق الدبلوماسي الأبرز الدكتور عبدالعزيز خوجة صاحب المسيرة الناطقة بالإبداع المستنطقة بالخبرة الغابقة بالمناصب المعتقة بالمسؤولية الوطنية.
في أم القرى نشأ يراقب الأدباء في مجلس والده وأعمامه ويداعب ثرى مكة الطاهر متجولا بين أحياء الحجون والعزيزية وشعب عامر متشربا من نسمات مكة الحنين ومتوشحا من قرب والديه الحنان موجها بوصلة اهتمامه لنصائح أبوية غرست فيه الأمنيات وملامح أمومة سبغت عليه شرف البر وفخر الصلاح..
في عائلته الشهيرة بالمثقفين المشتهرة بالأدباء ورجال الدولة كان خوجة يقتنص وقتا لأسئلة كانت ترهق عقلة عن موجبات الإنجاز ومعطيات النجاح فنمت في ذاكرته الغضة معاني الكفاح وأسرار المعالي.. فظل باحثا عن إجاباته في مكتبات الأسرة وفي محافل التقدير وحول الشهادات العليا في سير أقاربه.
بوجه أصيل كساه الشيب وقارا والطيب استقرارا وعينان مألوفتان تتحركان باعتدال حين السماع وتجحظان حيث المعلومة من وراء نظارة أصيلة رافقته على طاولة القرارات ومكاتب المسؤولية وبملامح مكاويه تشبه والده وصوت جهوري تسبقه وتعقبه متلازمة «ابتسامة» بيضاء تطغى عليه اللهجة الجداوية وتخرج منه مفردات الأصالة اللغوية مع عبارات الثقافة النبيلة وتتقاطر منه دبلوماسية فاخرة وكاريزما يعلوها التسامح ويسكنها التصالح يطل خوجه رجل دولة من الطراز الأول ودبلوماسيا خيبر ومثقفا يكتب الشعر ويعشق القصة ويبلور الأدب.
نال خوجة شهادة بكالوريوس في الكيمياء والجيولوجيا من جامعة الرياض ثم نال الدكتوراه في الكيمياء من جامعة برمنغهام - إنجلترا 1970م.
بدأ خوجه حياته أكاديميا متميزا حيث عمل أستاذا للكيمياء في كلية التربية بمكة المكرمة وعيّن عميداً لها ومشرفاً عاماً على الجامعة بمكة المكرمة وعمل أستاذا بجامعة الملك عبد العزيز ثم تولى منصب وكيل وزارة الإعلام للشؤون الإعلامية وقام بأعمال مدير عام جهاز تلفزيون الخليج. وترأس عدة مجالس منها المجلس التنفيذي لمنظمة إذاعات الدول الإسلامية والمجلس التنفيذي لوكالة الإنباء الإسلامية، وعدد من المؤتمرات الإعلامية إضافة إلى كونه عضواً في مجالس عديدة.
نادته الثقة الملكية في السلك الدبلوماسي فعمل سفيراً للمملكة في عدة دول في تركيا بين 1986 - 1992 وروسيا الاتحادية 1992 - 1996،والمملكة المغربية 1996 - 2004 ثم سفيرا لدى لبنان 2004 - 2009.ثم صدر مرسوم ملكي بتعيينه وزيرا للثقافة والإعلام عام 2009 ثم تم إعفاءه من منصبه بناء على طلبه عام 2014 ثم تم تعيينه سفيراً للمملكة العربية السعودية في المملكة المغربية بمرتبة وزير اعتباراً من 11يناير 2016 وحتى الآن.
ارتبط خوجه بالشعر كارتباطه بمختبرات الكيمياء فتشكلت بين روحه والمفردة الشعرية كيميائية عميقة رسمت حبا وودا فجادت قريحته بمئات النصوص الشعرية التي نطقت بالعاطفة واستنطقت بالتجربة فأنتج حوالي 12 ديوانا شعريا كانت بمثابة مناهج في الكلمة ومنهجية في النص ونهجا في الإبداع الشعري.فأنتج دواوين حنانيك» و «عذاب البوح» و «بذرة المعني» و»حلم الفراشة» و»الصهيل الحزين»و «إلى من أهواه» و»أسفار الرؤيا» و»قصائد حب و»ديوان عبد العزيز خوجة» و»مئة قصيدة للقمر» و»رحلة البدء والمنتهى».
كان ولا يزال شعر خوجة معادلة جاذبة للنقد حيث أخضع لدراسات نقدية متعددة من قبل باحثين ومختصين شملت جوانبه الإبداعية والقيم الإنسانية والاجتماعية والميول والاتجاهات مما يعكس عمق التجربة التي ولدت منها تلك النصوص وتعمق الموهبة التي تمخض عنها ذلك الإنتاج.
عقود أمضاها خوجة متنقلا بين الأماكن مرتحلا حيث وضعته الثقة متسلحا بهمة التكليف الرسمي متوشحا بمهمة التأليف الأدبي.. مراحل قضاها وهو يحمل حقيبته التي لا تفارقة وفيها ملفات السياسة وإستراتيجيات المسؤولية وأسرار الشعر.
بين الكيمياء والديبلوماسية والإعلام قضى خوجة ولا يزال عمرا يكافح وينافح متنافسا مع بعد نظر وحصافة فكر باتجاه أفق المصاعب ونحو آفاق المناصب كرجل دولة وعقل عطاء وبطل شعر.. صنع له اسمه الذي سطره بلغة الأمنيات والإنجازات تاركا للأجيال القادمة سيرة تستحق القراءة وتستأهل البحث وتتطلب التحليل.