خالد بن حمد المالك
هذا حوار من طرف واحد، أحاور فيه من يفترض أنه الرجل الأول في قمة المسؤولية القطرية، وهو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حوار هادئ أستدرج فيه النخوة القطرية والمبادئ التي يفترض أن يلتزم بها من هو عضو في دول مجلس التعاون الخليجي ممثلاً لدولة قطر، وأستدعي به كل ما أرى أنه يخيف سموه من المستقبل الغامض الذي ينتظر قطر فيما لو بقيت الدوحة تنفذ أجندة إرهابية بإيجاد الملاذ الآمن للإرهابيين ودعمهم مالياً وإعلامياً وبالأسلحة.
* *
الحوار الذي أكتبه، وأبوح به، وأحاول أن أكون موضوعياً مخلصاً وصادقاً في كل كلمة ترد فيه، ربما لا يعجب هذا الشيخ الشاب، وربما لا يغريه للتفكير والبحث الجاد عن سياسات جديدة يقود بها الشقيقة الصغرى، وربما ينظر إلى هذا الحواركما هي نظرته لكل من كتب عنه وعن قطر، فيظلم نفسه باعتقاده أنه على حق وغيره على خطأ، وأن قطر هي على صواب في سياساتها، والمحقة في خطواتها لا الآخرون.
* *
نقول للشيخ في حوارنا، حذار من الإخوان المسلمين، فهذه منظمة إرهابية مسيّسة، وتاريخها في الممارسة السياسية دموي بامتياز، في مصر وأينما حل بها المقام، ما لا يمكن إنكاره، أو التبرير له، أو محاولة إيجاد مخارج لا تتفق مع سياق الحقائق، حذار من هذه الجماعة الإرهابية، فهي قنبلة موقوتة ضد مصالحكم كما كانت كذلك في مصر والمملكة وغيرهما، فلا تكن قطر ضحية غدرها، وخذ الدرس ممن سبقك في إحسان الظن بهذا التنظيم الخطير، حيث خانوا اليد التي أطعمتهم، والمكان الذي آواهم.
* *
ونقول للشيخ، وفي هذا الحوار الودي، حذار أيضاً من إيران، وأطماعها بالمنطقة، ومخططاتها التوسعية على حساب دولنا، وتحديداً قطر، فالإمبراطورية الفارسية حلم إيراني قديم، والتاريخ فيه الكثير من الدروس والعبر التي تحتاج إلى قراءة متأنية منك، فلعلك إن فعلت ذلك، تدرك حجم المؤامرة الإيرانية التي تتربص ببلادك، وبالتالي تتفهم لماذا كل هذا الغضب من ملوك وأمراء الدول الشقيقة عليك وعلى قطر.
* *
هناك ما يمكن قوله ضمن هذا الحوار عن الشيء الكثير الذي آلمنا في سلوك قطر، وعلى سبيل المثال، الدور المشبوه الذي تمارسه قناة قطر، أعني قناة الجزيرة، فقد أوجدت أزمات وقطيعة بين قطر وجميع الدول العربية (تقريباً) بسبب أكاذيبها وتجنيها على أشقاء قطر، وكأن الدوحة ليس لها من سلطة عليها، وكأن القناة أقوى من الدولة، وكأن تمويلها ومقرها لا يعطي أمير قطر حق التدخل في سياساتها، أو كأن البلاد بلا إرادة قطرية، حيث تبدو القناة وكأنها هي الدولة.
* *
وما نقوله عن إيران والإخوان المسلمين وقناة الجزيرة في هذا الحوار، ينطبق على حزب الله، ودوره في تخريب علاقات قطر بأشقائها، فهو حزب إيراني يحمل الهوية اللبنانية، ويدير المعارك والمؤمرات والتخريب بالوكالة عن إيران من الضاحية اللبنانية، فحذار يا شيخنا من الوقوع في حبائل المؤامرات التي يخطط لها المقيمون في بلادكم بالتعاون مع قوى خارجية لئيمة كحزب الله، واحذر كل الحذر من العدو المتربص بكم شراً من الآن وقبل فوات الأوان، ممن تعتقد أنهم حلفاء وأصدقاء وهم ليسوا كذلك.
* *
لا تنسى يا شيخنا ونحن في هذا الحوار أن قطر في مفترق طرق، وأن مسؤوليتك كأمير لها تقتضي أن تختار لها الطريق الصحيح، وحذار أن تخدّرك أصوات من تسارعوا وتنادوا وعلى رأسهم إيران لدعم تصعيدك العدواني الأخير ضد المملكة والإمارات، مع أن إيران في أحسن الأحوال أضعف من أن يُعتمد عليها، ولك أن تراجع النجاحات والانتصارات التي حققتها المملكة في مواجهة عدوانها ومؤامراتها، والفشل الذريع الذي يلاحق إيران مع كل محاولة للمساس بأمن المملكة، أو أمن أي من الشقيقات في دول الخليج، لتعرف عن الضمانات التي يحققها لك تعاونك مع دول مجلس التعاون لامع إيران.
* *
والحوار الذي نعنيه معك يا شيخ قطر هو الحوار الذي يفضي إلى نتائج، وإلى فك رقبة قطر ممن يريد خنقها، حوار نريده أن يبقي قطر آمنة ومستقرة باعتمادها على أشقائها، وقوية بقوة دول مجلس التعاون، وصامدة بتفهمها لما يجري حولها، لا بالعمل والظهور بوجهين، وسياستين متناقضتين، والتذاكي في مناورات ضد مصالحنا، وكأن الأشقاء ليسوا على دراية بما يجري، وكأنهم مغيبون عن دور قطر في كل هذا.
* *
يا شيخنا أسألكم في حوارنا، كيف لقطر أن تتنفس بدون رئتها المملكة العربية السعودية؟ وهل من ضامن لاستقرارها، وحريص على أمنها، وعينه عليها حتى لا يعبث بها عدو أو متسلط أو ذو أطماع بها غير المملكة؟ وهل من قائد غير الملك سلمان يحرص على قطر حرصه على بلاده؟ وهل من دولة أخرى تدافع عن قطر غير الشقيقة الكبرى المملكة وهي الاستثناء التي تضع كل إمكاناتها في خدمة حماية استقرار قطر، فكيف لا تكون يا شيخنا عدسة الرؤية لديكم قادرة لفرز علاقاتكم مع الدول، وأنتم متهمون بالتورط في دعم الإرهاب.
* *
إن ما يسوء قطر يسوء كل دول الخليج، فهي في خوف دائم على قطر يا شيخنا تميم، وقلق مستمر من مواقفكم، وكأنكم لم تلمسوا هذا الشعور الطيب نحو قطر وشعبها، أو أنكم على علم به، ولكنه لا يعنيكم أمام ما تصوره إيران والإخوان المسلمون لكم عن وضع قطر المحسّن أمام العالم في ظل ابتعادها عن شقيقاتها، وقربها منهم، وهو ما يتطلب منكم فرز ما تسمعونه لمعرفة أي مخطط إرهابي يدفعونكم إليه.
* *
سؤالي لشيخ قطر حاكمها تميم آل ثاني، هل أنت مع الأشقاء دول الخليج؟ أم على الخط الثاني، مع إيران والإخوان المسلمين ومن لف لفهم؟ أعلنها صريحة مدوية، فالمتابع يشم رائحة الارتماء القطري في أحضانهم، مغرداً خارج سرب المجموعة الخليجية، تفسره تصريحاتكم ولقاءاتكم وتبنيكم للإرهاب، وكرمكم في استضافة كل متهم بالإرهاب، أو التطرف، أو أولئك المعادين للدول الخليجية.
* *
ما أقصده في حواري معكم يا شيخنا، أن أمتنا تريد أن تكون في صورة الواقع القطري، ولا يملك غير الشيخ تميم المؤهل بأن يضعها حيث تكون الحقيقة، وإن كانت شديدة المرارة، فهي أفضل من التخفي وراء سياسات معادية، والشراكة فيها مع ذوي أطماع في قطر أو غير قطر، على أن توهُّمكم بأن شقيقات قطر لا تملك القدرة على كشف هذا المستور عن علاقات مريبة لقطر بمجموعة من الدول والأحزاب والأفراد ووسائل الإعلام المعادية لنا، هو توهُّم لا يلامس الواقع.
* *
أخيراً ليت أمير قطر يحكي لنا حتى تنتهي تساؤلاتنا، وبالتالي نضع نهاية لحوار حاولت فيه أن أتجنب ما يؤذيه، أو يقض مضجعه، أو يتوقع سموه بأنها مؤامرة عليه، بينما الموضوع ينحصر برمته في فتح نوافذ لإنقاذه من هذا العبث الذي يستغله الأعداء لتأجيج الصراع بين الأشقاء، مستخدمين الرؤية القاصرة لدى الشقيقة الصغرى قطر.