سمر المقرن
قلت هنا قبل أسبوعين، في مقال (الاستفزاز القطري) إن المملكة تجاوزت مرحلة «التسويف» مع من يتعرّض لها، فنحن الآن في مرحلة الحزم. وبناء على هذا وصلنا إلى مرحلة لم نكن نتمناها وهي قطع العلاقات مع الشقيقة الصغرى قطر، التي لم يعد أمامها الآن سوى العودة إلى الحضن الخليجي، أو البقاء في حالة انفصال وهذا أمر صعب وقاسٍ جداً على القطريين لا من الناحية الاقتصادية ولا السياسية، ولا الاجتماعية حيث أن الشعب القطري هم أهلنا وتربطنا بهم روابط الدم والنسب وكم من عائلات تستعد لقضاء إجازة العيد مع أهلها في قطر والعكس، إلا أن السلوكيات السياسية القطرية قد أودت بهذا الشعب النبيل إلى أن يحمل ذنبا بلا أي ذنب.
إن ما تفعله القيادة السياسية القطرية هو ضرب من الجنون، فمقاطعة قطر سوف يليه الكثير من التبعات التي لن تتحملها حكومة وشعباً. فالملف القطري لم يعد على مستوى شقيقاتها دول الخليج العربي بل أصبح ملفاً دولياً تدخل فيه كل الدول العربية المتضررة من الدعم القطري للإرهاب بكل أشكاله والذي يسعى إلى تفشي الخراب والدمار الذي ما زلنا نشهده ونراه بحرقة في دولنا العربية، والتي تعمل كذلك على إسقاط الحكومات وزعزعة الأمن بكل الطرق الكبيرة والصغيرة، وما أحداث مصر عنّا ببعيدة!
لست فرحة بهذا القرار، ولا أشعر بغير الألم على ما وصلنا إليه، لكننا مجبرين ولسنا مخيرين، فالإرهاب الذي يتنامى في كل بقعة والذي صار يخرج من وسط بيوتنا وأهالينا لا بد أن يُجتذ، وأن تُقتلع جذوره، ومن المهم الإشارة إلى أن معظم المتطرفين لدينا بعد أن انكشف ستارهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي تبيّن ولاؤهم الكامل لقطر، ما يعني أن كل أطروحاتهم وهجومهم على كل تغيير وتطور يخص المجتمع أو المرأة من شأنه يُحدث تنمية لمجتمعنا، هو كلّه بسبب أن هناك من يعمل بالخفاء لصالح من يريد تعطيل عجلة التنميّة. بعد هذا كلّه، لم يعد هناك ما هو بالخفاء، الستار بالكامل مكشوف، ومن باع ذمته ووطنه في يوم كانت فيه المعارك تُدار من تحت الطاولة، فأمامه الفرصة للعودة وإعلان البراءة والتوبة. أما الشعب القطري فما زلت أكرر تعاطفي معهم، ولعل الله -سبحانه وتعالى- يزيح عنهم هذه الغُمّة!