د.عبدالمحسن بن وني الضويان
تختلف الدول والحكومات في النهج الذي تنتهجه لتنفيذ سياساتها الداخلية والخارجية، فقد تتبع أسلوبا وطريقا خاطئا بل ومكلفا غير محمود العواقب قد يكون وبالا عليها يستنزف طاقاتها ومواردها ويؤلب عليها الأصدقاء والأعداء، يصعب تفسير ذلك التوجه أو تبريره لأنه يتسم بالتذبذب والغموض ناهيك عن نتائجه غير محمودة العواقب ونتائجه حتما سلبية، فحين تعادي هذه الدول، وهي ولله الحمد قليل، دولا مجاورة ترتبط معها بالحدود والقربى والمصالح المشتركة، بل وحتى عضوية المنظمات الدولية مثل عضوية جامعة الدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجية مثل حكومة قطر وتجنح إلى رسم سياسات غريبة وربما عدوانية يمكن أن تتعاون معها لصالح دول المنطقة وشعوبها وتنمية قدراتها تراها تتنكب الصراط السوي وتتجه بدلا من ذلك إلى جماعات مسلحة وميليشيات متطرفة وظفتها دول مارقة مثل إيران التي تستخدم الجماعات الإرهابية مخلب قط وأذرع فتنة هدفها الرئيسي زرع الفتن وزعزعة الأمن والاستقرار في دول الجوار، وتكون خنجرا في خاصرة الدول وتعمل على إعاقة مسيرة التنمية والتطور.
هذه الميليشيات قد أجمعت دول العالم على اعتبارها جماعات إرهابية تنشر الرعب والقتل أينما حلت تحاربها الدول وتبذل جهودا جبارة للقضاء عليها. حري بدولة قطر أن تجنيها وأن تتبنى سياسة العالم لمحاربتها للأسف على النقيض من ذلك شرعت لها كل الأبواب ومولتها ومدتها بكل وسائل التخريب من سلاح ومعلومات والأدهى من ذلك وفي تناقض عجيب أنه في الوقت الذي تتحالف مع دول الخليج في الحرب على الحوثيين في اليمن تتآمر على الدول الحليفة وتمد هذه الميليشيات بالمال والسلاح لكي يقتلوا جنود دول التحالف بما في ذلك الجنود القطريين: هل رأيتم أو سمعتم مثل هذا التناقض.
ألا تعلم بأن من أسس حركة الحوثيين ومدها بالسلاح والعتاد هي الدولة المارقة سيئة الذكر إيران تلك الدولة التي أخذت على عاتقها مشروع تخريب دول الخليج، بل وتفخر بأن أربع عواصم عربية قد أصبحت تحت سيطرتها، ومع كل ذلك تمتدحها حكومة قطر وتعدها حليفا استراتيجيا، ويتصل حاكم قطر مهنئا روحاني بإعادة انتخابه ومبشرا بمزيد من التعاون مع حكومته.
هل نسي حاكم قطر أن إيران هي من انشأ حزب الله اللبناني الطائفي الذي اضعف لبنان إلى الحد الذي جعلها عاجزة عن القيام بوجباتها والتزاماتها الداخلية والدولية وإحدث فراغ سياسي بتعطيل انتخاب رئيس للبلاد سنوات. ثم دخل في قتال الإخوة السوريين وتلطخت أيدي الحزب بدماء الأبرياء والأطفال والنساء والشيوخ فقط لإنقاذ الدكتاتور عديم الرحمة بشار الأسد، ولا يزال هذا الحزب الآثم يمعن في سوريا قتلا وتخريبا ومع جرائمه يحظى للأسف بتعاطف حكومة قطر ودعمها. أمر يدعو للعجب والحيرة بل والإحباط.كيف تتعاون دولة ذات سيادة مثل حكومة قطر مع حزب إرهابي طائفي يعيش على المداخيل المحرمة كالخطف والاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال.. ألم يقل الشاعر:
يقضى على المرء في أيام محنته
حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن
المملكة العربية السعودية اتخذت قرارها مع بعض دول الخليج وبعض الدول العربية بمقاطعة حكومة قطر بعد أن طفح الكيل وأصبح حال قطر لا يحتمل، وبالطبع المملكة ليست سعيدة بهذا الإجراء ولكنها قامت به علاجا مؤلما لكنه ضرورة وهي على استعداد لمراجعة القرار وإلغائه، لكن ذلك لن يحدث إلا إذا كانت حكومة قطر على استعداد لتغيير سلوكها مع ضمانات دولية كافية ذات مصداقية.. نرجو أن يتم ذلك في وقت قريب إن شاء الله.