د. ناهد باشطح
فاصلة:
«إن الحق بغير القوة ضائع، والسلام بغير مقدرة الدفاع عنه استسلام»..
-حكمة عربية-
حينما يكون السؤال عن الأمن أو حرية التعبير فلا يمكن لعاقل أن يختار حرية التعبير، وهذا معروف تماماً حتى في المجتمعات الغربية التي توصف بالديمقراطية.
ففي أحداث الإرهاب التي مرت في فرنسا في 13 نوفمبر الماضي نشر إحصاء أن أكثر من 60 % من الفرنسيين يرون أهمية وأولوية الأمن على حرية التعبير أعقاب الهجمات الإرهابية على باريس، ورغم أن الإعلام الفرنسي وقتها عانى من صدمة أن المجرمين لم يكونوا عرباً مسلمين، إلا أنه تصدى لجبهة تنظيم «داعش» التي كانت عبر منصات إعلامية مختلفة تبث فيديوهات مخربة، حيث بدأ في مراقبة مواقع الجماعات الأصولية وحجبها، لأنها الخصم.
نعم الإعلام الجديد يمثل أيضاً جبهة علينا أن نجيد التعامل معها بحزم حيث إنه حسب دراسة للباحثة مها صلاح من جامعة عجمان عن دور الإعلام الأمني في إدارة الأزمات لفتت النظر إلى مجموعات افتراضية تتكتل رغم تباعدها إلا أنه يجمعها تجانس اجتماعي وأيديولوجي ولديهم مبادئ وأفكار متقاربة دون غيرهم ممن يحملون وجهات نظر مختلفة، بينما هم في المقابل يتجنبون التعرض للمخالفين لهم وهو ما يعرف بـ groups bonding Pure.
هؤلاء الأفراد يكونون مجموعات مبعثرة كل منها يتشبث بوجهة نظر معينة وينعزل عن الآراء الأخرى التي يرفضها ولا يقبل بإفساح المجال لها.. لذلك كان لا بد إيصال رسالة واضحة وفق منهجية الإعلام الأمني السعودي لما يسمى مجموعات التكتل بأنه لا مجال لقبول تكتلها على حساب أمن الوطن ومواطنيه.
ولذلك جاء نشر ما صرح به المحامي «مشرف الخشرمي» لجريدة عكاظ في عددها الصادر الأربعاء 7 يونيو 2017م ضمن رسالة إعلامية موجهة لإدارة الأزمة، حيث قال: «إن الحكومة السعودية أقرت مقاطعة دولة قطر لدعمها للجماعات الإرهابية والمتطرفة، فيحق لها معاقبة كل من يتعاطف مع هذه الجماعات والممولين لها لما يمثل هذا التعاطف من المساس بالنظام العام بالدولة وفق المادة رقم 6 من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية».
هذه الجريمة الإلكترونية والمعلوماتية، عقوبتها السجن مدة لا تزيد عن 5 سنوات وغرامة مالية لا تزيد عن 3 ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.. من هنا وضحت الرسالة بأن الأولوية يجب أن تعطى للاعتبارات الأمنية وليس لحرية التعبير عن الرأي في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها؛ هكذا هي منهجية الإعلام الأمني في كل المجتمعات فلا يوجد دولة تسمح للإنترنت أن يهدد أمنها وأمانها.. وهناك اعتبارات مختلفة في الأزمات لكل من حمّله الله أمانة الكلمة بأن يكون وطنه وأمنه هو المحرك لقلمه.