كل شيء يحتاج إلى يد حانية فهذه شجيرات الأرصفة حينما يخلصها العمال من بعض البقايا اليابسة تبتهج فقد غادرتها بعض همومها
كذلك أنا حينما أشذب بعض قصائدي أبتهج بذلك، حيث أعيد اليها شاعريتها بكثافة
الشاشات التلفزيونية تقابلني دون أن أنظر إليها تحاول إغرائي ولاتنجح أفتقد ثقتي بالتلفزيون رويدا رويدا.
يتبادل الموج مع شاطئه الأحاديث الهادئة ونحن نحتسي القهوة في فرجة على اللغة التي لم نألفها بعد مع أننا نتعلّم على أصواتها يومياً ونشرب قهوتنا المرة التي غيرت طعمها أسماك البحر وهي تسبح في غرام جامح في انتظار شبكات الصيد التي لا تفقه شيئاً من لغة الملوحة.
هكذا تفيض الأيام بحسرة لا تروق للبحر ولا تروقني ونحن نحتسي المرارة التي تحتاج إلى مذاق مختلف.
إننا نموت يومياً بتلك المسافات التي يحدثها البحر بيننا وبين أسماكه التي تغير طعم ما بيننا من لغة لم تعرف طعم العذوبة يوما.
تحدق الأشجار والأعشاب المحيطة بالبحر؛ في البحر، والشمس تستوي على البحر مثل فضة متأججة لا تحتمل النهار وهو يتقد في الظهيرة.
أجلس وحيدة مع البحر أحاول التعمق في موجه ولا أرتاح إلى هيجان أمواجه كأنها تعرف أنني أنثى وتجسد غيرتها من حولي.
أتودد إلى كل موجة تلفحني ولا تتقبلني. أيعقل أن تكون للأمواج المواقف ذاتها والغيرة ذاتها من أنثى مثلي محملة بالغربة والوحدة والشعر؟
هل يعقل أن يمر العابرون من جانب البحر دون أن ينظروا إليه و تسقط أعناقهم على الأرض. الرصيف هو ذاته الرصيف لكن ليس البحر ذاته فهو يتغيّر كل لحظة.
يدير ذاك الواقف ظهره للبحر.. هل يثق بالبحر إلى هذا الحد؟
لم أجرب بعد أن أدير ظهري للبحر حتى في لقطة كاميرا مباغتة.
- هدى الدغفق