-1-
كان ولا يزال لا يخلف لي وعدًا.
حتى في ظل تدهور العلاقة فيما بيننا لا يزال لا يخلف لي وعدًا.
لا أتذكر أنه قال لي: سأفعل ولم يفعل.
كانت صراحته الجارحة وهو يقول لي: (لا أعدك) في الأمور التي لا يستطيع الجزم بها تجرحني، لكنها تريحني.
كنت كلما أيقنت بسقوطي تلقفتني يده من الخلف؛ لتسندني, وتقيم اعوجاجي.
أنا ضلعه الأعوج الذي حنّ على قلبه فانحنى، وهو الجبل الشامخ الذي يصد عني الريح.
ابتعدنا كثيرًا لكنه كان قريبًا حتى في بعده!
ما الذي كان سيضطره لكل هذا, لولا أنني لروحه وطن كما كان يقول؟
أنا الأمانة التي لم يشوهها، ولم يجرحها، ولم يؤذها وهو في أوج غضبه.
كيف لا أفي له، وقد انتفت عنه كل خصال النفاق التي ابتُلي بها كلّ هذا العالم؟
أليس هو الذي إذا حدّث صدق، وإذا وعد أوفى، وإذا ائتُمن صان؟!
يحق لمن هي مثلي أن تُفاخر بمن هو مثله إذًا!
-2-
وماذا بعد؟!
لا شيء غير الهراء الذي أورثته لها!
كلُّ جمال ادّخرته لك، لم تهدأ حتى انتزعته معك!
أنت هناك تعيش الرتابة، وهي هنا تتورم بمضادات الاكتئاب.
كلاكما على جرفٍ هارٍ، يكاد أن ينهار به. تمارسان اللامبالاة كالحمقى.
تئدان الذكريات العذبة؛ حتى لا تسمعا صوت الحنين.
كلاكما يجري في ماراثونه الخاص، في مجرته الخاصة؛ لاقتناص بقايا أحلام منفصلة.
أنت تنجح؛ لتغيظها، وهي تسطع، وتتوهج حد الاشتعال؛ لتُسكنك العتمة!
وبعد كلّ نجاح كلّ واحد منكما يتقرفص على قلبه، ويجأر كطفل.
كان النجاح لكما احتواء، قبل أن يتحول إلى شتات.
وماذا بعد؟!
هل أنت سعيد الآن؟!
-3-
أن تستيقظ على هيئة خيبة كبيرة أمر وارد ما دمت تعيش على هذا الكوكب الذي كُتِب على خيباته: (تُوزّع مجانًا ولا تُباع).
لكن أن تستيقظ وقد خرج قلبك من قفصك الصدري؛ ليطبب جراحه، مكتفيًا به عنك، ويبصق عليك، وهو ينتحب؛ فثق بأنك وقتها قد خذلته أقسى أنواع الخذلان.
أن تنسلخ منك روحك، وتتسامى لأعلى مكان؛ لتراك صغيرًا حقيرًا من برجها السامي، وتظل تحدق فيك طوال اليوم بازدراء؛ لن تمتلك أمام هذا التّعنيف إلا أن تتكوم على نفسك كأرذل مخلوق على وجه الأرض، يتمنى لو أن الأرض تحوّلت إلى فوهة بركان عظيم وابتلعته.
شعورك بالخزي من نفسك عندها أمر مريع.. مريع جدًا!
- د. زكية بنت محمد العتيبي