د. عبد الله المعيلي
يعد تغيير النمط اليومي الذي ترسخت جذوره في الممارسات السلوكية في حياة الإنسان اليومية، من الأمور الصعبة جدًا، ولهذا يقال: (من شب على شيء شاب عليه)، ويقال: (سنبلة على كعب)، أي وصل إلى مرحلة يتعذر فيها التغيير.
ولكن لا مستحيل البتة، فمن سمات السلوك البشري عمومًا أنه مرن قابل للتعديل والتغير وفق آليات معينة، يعرض لها الإنسان بصفة مكررة حتى تترسخ وتبدو سلوكًا عاديًا مألوفًا غير متكلف، ولم ير أحد أبدًا أنه ثبت على سلوك وفق نمط محدد، دائمًا وأبدًا يبدو في سلوكه اليومي على توالي الأيام، فلكل مرحلة عمرية سماتها وخصائصها وأنماط سلوكها، فمرحلة الطفولة لها سمات وخصائص كما هي حال الشباب، ومرحلة الأشد، ثم مرحلة الضعف المتدرج إلى أن يصل ربما إلى عدم القدرة تمامًا.
ففي قصيدة الشاعر أبو العتاهية اسمها (بكيت الشباب) يقول:
ألا ليت الشباب يعود يومًا فأخبره بما فعل المشيب
يتحسر أبو العتاهية على أيام الشباب الخوالي، عندما كان يقدر على فعل كل ما يرغب فيه ويريده، وقد بلغ المرحلة إلى يبدو عاجزًا ضعيفًا لا يقدر.
الحال نفسها تنطبق على كل بني البشر، قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّة ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضعفًا وَشَيْبَة يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} (الروم الآية 54)، كل بني البشر سواء، يمرون بهذه المراحل كلها، ويعيشون وفق قدرات كل إنسان وقدرته على الممارسات السلوكية.
طالما هذه سمة السلوك البشري، فشهر رمضان الكريم يعد أحد الأوقات المناسبة جدًا والقادرة على إحداث التغيير وضبطه وفق إرادة الإنسان وحاجاته، وعلى العقلاء الذين وفقهم الله لصيام رمضان وقيامه، وإلى تلاوة القرآن، والإحساس بحاجات ذوي الحاجة من فقراء ومساكين، وهذا ما يساعده على مواصلة فعل الخيرات، حتى تصبح سمة ملازمة له بعد رمضان، كذلك الذين أدمنوا على شرب الدخان وتبين لهم أنهم يقدرون على تركه نحو خمس عشرة دقيقة أن الأمر سهل يمكن الخلاص منه، ولو بالتدرج أي تقليل كمية الدخان التي يستهلكها يوميًا، وحتمًا تبين له الفرق في صحة تنفسه ونظافة رائحته، فالدخان من مهددات صحة الإنسان المؤكدة التي لا يمكن أن يسلم من شرها أحد.
إن الأمر سهل ممكن جدًا، متى ما توفرت العزيمة والإرادة الحرة، والرغبة في التغيير، فأول خطوة يجب البدء بها هي، تخصيص أوقات في يومه يقرأ فيها القرآن، ويعزم على قراءة كل يوم حزب أو اثنين في أوقات محددة، وأن يقهر نفسه على صيام ما يتيسر من أيام وخصوصًا البيض منها، ويومي الاثنين والخميس، وأن يستقطع اليسير من راتبه يتصدق على الأسر الفقيرة والأرامل والأيتام.
وأن يقلل شيئًا فشيئًا من عدد (بكتات) الدخان التي يشربها يوميًا، حتى يتخلص من شربه تمامًا، لا سيما وأن مخاطرة الصحية تعزز الرغبة والعزيمة على تركه.
كما يمكنه الاتفاق مع عدد من أصدقائه على تبني مشروع خيري يسعون فيه، وأن يقتدوا بالدكتور عبد الرحمن السميط -رحمه الله- كم نفع الله بجهوده في إفريقيا، وبعض الشباب السعوديين الذين اقتدوا به، الكل تارك الدنيا وعليه أن يستعد للآخرة فهي خير وأبقى.