د. ناهد باشطح
فاصلة:
((إنّ الكلمات هي التي تقتل أولاً، أما الرصاصات، ففيما بعد))
-آدم ميهنيك-
هل حرية التعبير مطلقة بلا حدود ؟
حرية التعبير التي تشمل عناصرها حرية وسائل الإعلام بشكل عام.... حرية التعبير التي يمكن أن يمارسها الأفراد ومؤسسات الإعلام.
في رأيي إنّ حرية الرأي والتعبير حق سياسي لا مجال لإنكاره، إنما في نفس الوقت فهو يخضع للقوانين.
وفقاً للقانون العالمي لحقوق الإنسان المادة 19 (3) يمكن فرض ثلاثة شروط وفق التشريعات السائدة المنصوص عليها وهي:
1- احترام حقوق الغير وسمعته.
2- حماية الأمن القومي أو النظام العام.
3- حماية الصحة العامة أو الأخلاقيات.
لكن لضمان تنفيذ هذه القيود التي تتسع وتضيق وفقاً لاتفاقيات عالمية مختلفة، ينبغي أن تشرف على هذه العملية الهيئات الإعلامية المدنية.
حرية التعبير مكفولة لنا في ديننا إذ لم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم بدعوة العامة لإبداء الرأي، وإنما كان يحث أصحابه على ممارسة هذه الحرية.
وهناك أدلة كثيرة منها على سبيل المثال «ما حدث في معركة بدر عندما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أقرب ماء من وادي بدر فنزل به، فجاءه الحباب بن المنذر وقال له: يا رسول الله أهذا منزل أنزلك الله به أم هو الرأي والحرب والمكيدة. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «بل هو الرأي والحرب والمكيدة، فأشار إليه الحباب بن المنذر أن ينزل في موضع آخر غير الذي نزل فيه، فقبل الرسول منه هذا الرأي وقال: «لقد أشرت بالرأي» وتحوّل إلى مكان آخر».
لكن إذا كان هذا الرأي يمكن أن يحدث فوضى في المجتمع أو يؤثر على نسيجه، فأعتقد أنه يتناقض مع الحرية التي تعني بالدرجة الأولى المسؤولية.
حرية التعبير حق ومطلب للإنسان في المجتمعات الواعية بأنّ القمع والكبت يمكن أن يزيد الصراعات في أي مجتمع ، لكن لا يمكن للحرية اللامسؤولة أن تحقق كرامة الإنسان إذا استغلها في الإضرار بأي شيء حوله.
وبالفعل يختلف الباحثون في تعريف الإضرار ومقاييسها، لكني أرى أنّ زمن الرقابة الذاتية الذي نعيشه يعزز الوعي في استقبالنا للمعلومات، ومن ثم تحوّلنا إلى مرسلين لها دون اشتراط انتسابنا لوسيلة إعلامية، فنحن في زمن صحافة المواطن وكل مرسل لمعلومة أو رأي هو بالدرجة الأولى مسؤول عن تأثيرها.
في زمن تدفق المعلومات المربك والذي استعملته دول كبرى كأمريكا في حرب الخليج الثالثة مثلاً لإرباك عدوها، يمكن أن يعتبر ذلك ضمن قيود حرية التعبير التي ضمنت لها سلامة أمنها، وممكن أن يعتبره آخرون قمعاً لحرية التعبير.
ومن أراد الاستزادة فهناك العديد من الدراسات التي تثبت كيف تمارس وسائل الإعلام الغربية والعربية الحرية المقيّدة وقت الأزمات والحروب، بينما يحاول الصحافيون أن يتمتعوا بهذه الحرية!!