فهد بن جليد
فكرة إنسانية رائعة جداً، أقدم عليها مطعم حي تويوسو في طوكيو عندما قصر التوظيف لتسجيل طلبات الزبائن على من يعانون من ضعف حاد في الذاكرة أو المُصابين بمرض ألزهايمر، كسابقة عالمية تهدف للفت الانتباه لهذه الفئة في المُجتمعات، وما يُعانونه من نظرة خاطئة في معظم المُجتمعات - كوصمة عار- تحيط بعائلاتهم، كما تمنح الفكرة الزبائن خوض تجربة فريدة ومُدهشة بتقبل الطعام الذي سيقدم لهم في النهاية وتناوله، حتى لو كان مُختلفاً عن طلبهم الحقيقي، وهذا ما حدث مع مدونة يابانية طلبت ساندويتش هبمرجر ولكنها تناولت طبق زلابية.
في سبتمبر المُقبل سيكون هذا المطعم أيقونة عالمية للاحتفال والتذكير بمرضى ألزهايمر في يومهم العالمي، مثل هذه الأفكار البسيطة والغريبة والمُدهشة هي من تساعد عملياً على لفت انتباه المُجتمعات الإنسانية نحو بعض الفئات الغالية وسط زحمة الحياة وتعقيداتها، فالخروج عن الأنماط التقليدية في بعض عمليات التوعية بات أمراً ضرورياً، وهو ما يستلزم البحث عن أفكار أكثر جرأة للتعاطي مع مثل هذه الحقائق والتعامل معها، وببرامج لا تُخل بمكانة ورعاية المُصاب، والأهم هو النجاح دائماً للخروج من العزلة التي يضع البعض أنفسهم فيها بمجرد اكتشاف المرض، تحت بند الخجل الاجتماعي أو الخوف من نظرة الناس تجاه المُصاب وعائلته.
كلما ابتعدت عن التقليدية ستحقق هدفك، هذه القاعدة تنطبق على الكثير من تحديات الحياة، وهي آكد للجمعيات الخيرية والتوعوية، الناس اليوم تبحث عن الإبهار وتنجذب إليه، حتى في أبسط الأمور، تخيل معي أن مُعظم جمعياتنا الخيرية والتوعوية تقدم احتفالاتها في المُناسبات الكبرى عادة - كمن يتعامل مع الجمهور من وراء حجاب - وسط غياب الفئة المُستفيدة عن الظهور، وكأنَّ جمعياتنا هي من تخجل قبل العائلات، فأنت لا ترى المريض أو المُستفيد من الخدمة إلا من خلال فيديو تعريفي يتم عرضه، أو في تلك الصور التي يحويها الكُتيب أو الملف (فولدر الحفل).
هنا أقترح على جمعية ألزهايمر السعودية في حفلها المُقبل، أن توكِّل مهمة استقبال الضيوف ومرافقتهم إلى أماكن الجلوس لبعض المُصابين بالزهايمر عملياً - لكسر الحاجز المُصطنع - في مثل هذه المُناسبات، وجعل الضيف يعيش جزءاً من التجربة اليومية للمُصاب وعائلته، وأنا على يقين بأن الجميع سيقبل بالنتائج حتى لو تم تجليسه في المكان الخطأ، حتى نشعر جميعاً بأهمية العناية والاهتمام واحتواء هذه الفئة الغالية..
وعلى دروب الخير نلتقي.