د.علي القرني
الحالة القطرية لا تزال تترنح ولم تتجه حتى الآن إلى بوصلة الأمان والاستقرار، بل إن كل ما يهم قطر الحكومة في المرحلة الحالية هو الهروب إلى الأمام وعدم الاعتراف بالأخطاء التي تم ارتكابها بحق أمن واستقرر دول خليجية وعربية. هذا هو ملخص الحالة القطرية الراهنة، ولا تزال تتفاقم مع مرور الوقت..
ومن الواضح أن الحكومة القطرية بدأت فعلا تحضّر لتداعيات سياساتها الداعمة للإرهاب والجماعات الإرهابية، فهاهي تستعين بشركة قانونية استشارية يرأسها جون اسكروفت المدعي العام الأمريكي في عهد الرئيس جورج بوش وعضو مجلس الشيوخ سابقاً لتقييم الحالة القطرية، وكيفية تعامل قطر مع الحالة الخطرة التي تنزلق إليها. وسيمضي تسعون يوما لدراسة الحالة القطرية ليتمكن من وضع بعض الحلول أو الإستراتيجيات للحكومة القطرية للتعامل مع الحالة الإرهابية التي بدأت توصم بها قطر على المستوى الدولي، وليس فقط على المستوى الخليجي والعربي.
وهناك لا شك تصدع اقتصادي كبير أصاب قطر بعد قرار المقاطعات التي أعلنتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية وغيرهم من الدول العربية والإسلامية. وهذه المقاطعة هي التي تؤلم قطر الحكومة بشكل خاص، وهي ربما وللأسف هي اللغة التي فهمت من خلالها قطر جدية الدول الخليجية في مواجهتها هذه المرة للمواقف القطرية المعادية لدول المجلس.
إن من استمع الى فحوى لقاءات سرية لحكام قطر في مرحلة مضت، سيندهش من الجرأة التي كان الشيخ حمد او وزير خارجيته حمد بن جاسم يتحدثون فيها عن زرع الفتنة والتقسيم في بلادنا، وكيف أنهم أرادو تقويض استقرار وأمن هذه البلاد الطاهرة. وهذا الطعن في الأخوة الخليجية هو ما سارت عليه السياسة القطرية منذ حوالي عقدين من الزمن. فبينما هي تبتسم امام الكاميرات التلفزيونية لكنها تعادي دول مجلس التعاون الخليجي، وتعمل في عداء سافر، وتقف ضد مصالح هذه الدول، وتعمل مع أعداء وخصوم دول المجلس، وتحيك المؤامرات والدسائس عليهم.
وفي المقابل، فإن دول المجلس كانت صادقة ومخلصة وساعية دائما إلى الخير والسلام لقطر وشعبها وكافة دول المجلس، ولم تعمل يوما على صناعة عداءات، أو تنظيم كيدا ودسائس ضد الحكومة القطرية، بل كانت مصلحة قطر في مستوى مصالح كل دولة من دول المجلس، وعملت الدول سوية في خدمة مجلس التعاون وخدمة المنطقة.
وإذا حللنا سلوكيات السياسة القطرية، سنجد أنها تعمل على استقطاب الأعداء والخصوم، وهذه أصبحت سياسة ثابتة للحكومة القطرية، فقد جمعت «الإخوان المسلمون» لديها ودعمتهم بالمال والإعلام، والجميع يعلم أن جماعات «الإخوان المسلمون» تريد أن تمزق العالم العربي، وتشتت أوضاعه، وتعيد ترتيبه لمصلحة خارطة جديدة يتسيد فيها زعماؤهم الحكم في العالم العربي، وقطر ساندت هذه الجماعية، ولا تزال تدعمها بكل الإمكانات من أجل عودتهم الى مصر، وبالتالي عودتهم على الساحة العربية.
وقطر فتحت حوارات وعلاقات مع إيران، والجميع بعرف ان ايران تريد ان تمسح الوجود السني من خارطة الخليج العربي، وتريد تشييع العالم الإسلامي بالكامل، وقطر وهي تعرف اهداف ايران في المنطقة، لكنها وضعت يدها في يد إيران، وتبادلت معها المصالح المشتركة في عداء سافر لدول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعوية والبحرين والإمارات.
إن قطر ولدت ونشأت في كنف محيطها العربي والخليجي، ولكنها أنكرت ذلك، وبدأت تستقطب أعداء المنطقة وتعطيهم فرص الحضور والتواجد وتمنحهم مساحات مفتوحة من الأرض والفضاء والبحار، ودعمتهم بالمال والإعلام والسلاح أحيانا، من أجل ان يكون هذا الحضور شوكة في نحور مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية الصديقة والقريبة منهم. وما يجب أن تعمله قطر هو الاعتراف اولا بهذه الاخطاء الفادحة التي دمرت هذا التلاحم وقوضت أسسه وبناءاته بين دول المجلس، وثانيا عليها أن تغير سياساتها الخارجية التي كانت تدعم فيها منظمات وشخصيات ارهابية مناوئة لاستقرار وأمن دولنا ومحيطنا العربي والإسلامي.