قضية كبرى لم نستطع التخلص منها في مجتمعنا السعودي رغم كل المحاولات التوعوية, والإرشادية ألا وهي (الانضباط المروري) كوارث يومية, حوادث, موتى, معوقين, وأرقام فلكية للحوادث اليومية, والشهرية, والسنوية.. معدل الوفيات في حوادث الطرق في المملكة 17 شخصا يوميًا, أي شخص كل أربعين دقيقة, كما بلغ عدد المصابين أكثر من (68) ألف سنويًا تخيلوا معي نحن عندما نفقد في الجبهة عشرة أو مئة أو ألف شهداء عند رب العالمين لأنهم يضحون بأرواحهم في سبيل وطنهم ومقدساتهم لكن ماذا نقول عن ثمانية وستين ألف قتيل سنويًا مصيبة كبرى لا يعادلها مصيبة وزادت الخسائر المادية فوق ذلك على 13 مليارا في السنة وفق ما ذكرته صحيفة الاقتصادية.. فقد أصبحت الحوادث المرورية (إرهاب شوارع) وكل ما قلنا يمكن أن تخف ويمكن أن يكون هنالك وعي نجد أنفسنا نشاهد مصائب وكوارث أكبر والحال لا يسر صديق ولا عدو..
صدقوني إن قلت إننا نفقد من أبناء الوطن أكثر مما تفقده دول متعددة في حروب طاحنة, وقد أكدت الدراسات والأبحاث التي أجريت في هذا الشأن إن أكثر الحوادث تقع بسبب أخطاء العنصر البشري وخاصة السرعة, إضافة إلى قطع الإشارة, وهذه بالذات سمة مميزة لأغلب سكان المملكة إذ إن الإشارة لا احترام لها كما هو الحال بالنسبة للنظام المروري لا احترام له, كذلك قيادة غير المؤهلين للقيادة واستخدام المركبات لغير ما أعدت له مثل التفحيط وغيره من الأساليب الصبيانية, ولذلك نرى أن ارتفاع إصابات الحوادث يستنزف الجهود الصحية, ويشغل ثلث الطاقة الاستيعابية للمستشفيات الحكومية, ويتسبب في أزمة الأسرة في المستشفيات, حيث إن نسبة الأسرة المشغولة بمصابي الحوادث تبلغ 30 من كل 100 سرير. إن حوادث المرور المتكررة اليومية في المدن والأرياف أصبحت بحق وحقيقة إرهاب مفزع وكثير ممن قابلتهم وناقشتهم في هذا الأمر أصبح هاجسهم الأكبر كيف يعودون إلى بيوتهم سالمين.
أحد الأشخاص قال لي: أخاف حينما تكون الإشارة خضراء من أن اندفع فيأتي قاطع إشارة ويسرع بأجلي, ويعلم الله إن هذه الحالة مشاهده في كل مدينة وخاصة الأماكن التي لا يتواجد فيها (ساهر). إن قطع الإشارة من اكبر المصائب ويعد مرتكبها في عداد مرتكبي القتل العمد, وأكثر الدول تحاسب من يقطع الإشارة حسابًا عسيرًا للغاية, وتعد جريمة منكره في كل المجتمعات المتحضرة, وسبق إن كتبت مقالات عدة حول هذا الموضوع ومشاهداتي, كذلك كتب غيري ولكن كل ما نقول إن الوعي المروري تحسن وجدناه يسوء, ولابد لنا من أن نبحث عن الأسباب الحقيقية لهذا السلوك المشين ثم السعي لإيجاد حلول ناجعة وليس تنظير وكتابة فقط ومشكلة قائدي المركبات في المملكة تتلخص في أمور عدة لعل أهمها ما يلي:
1- عدم احترام النظام وحب الذات, وهذه ثقافة لابد من بنائها في المجتمع ويفترض أن تكون هذه الثقافة موجودة ومفعله لدى العاملين في القطاعات الأمنية, ولكن للأسف الشديد نشاهد أحيانا العسكريين يخالفون أنظمة المرور, ومن خلال المدارس الابتدائية والمتوسطة, والثانوية, نستطيع بعون الله بناء هذه الثقافة في الأجيال القادمة مع الحزم في تطبيق الأنظمة مع هذا الجيل، وذلك من خلال تغطية جميع الخطوط المهمة والإشارات الضوئية بأنظمة الرصد الالكتروني, وإيجاد بناء نظام نقل عام عصري يساهم بحل مشاكل كثيرة.
2- المشكلة الثانية هي عدم توعية الآباء لأبنائهم بأهمية الالتزام بالأنظمة المرورية, وتسليمهم السيارات يعبثون بها كيفما شاءوا.. بل إن بعض الآباء يرتكب المخالفة أمام أبنائه وهم معه داخل السيارة فكيف يكون الابن مع قدوة سيئة؟!
3- وجود سيارات منتهية الصلاحية وقطع غيارها معدومة يقودها جهلة بالقيادة من عمال وغيرهم يتسببون في إرباك الشوارع وزيادة الحمل المروري.
4- الطرق التالفة داخل أو خارج المدن وعدم وجود اللوحات التحذيرية.
5- التأمين على المركبات جعل البعض لا يبالي بحياة الناس خاصة مع سيارات وسائقي الأجرة.
6- الغياب التام للمرور في الأماكن المهمة والمزدحمة.
7- الصبات الاسمنتية, والمطبات الفجائية وهي أخطاء مشتركة بين المرور, ووزارة النقل, والبلديات.
8- وجود عدد من الأجانب يقودون بلا خبرة أو تدريب على القيادة, وهم كثر, وذلك لسوء التقدير عند استخراج الرخص والتساهل مع هذه الفئة, وكم تسببوا بحوادث مهلكة بسبب التغابي وعدم كفاءة القيادة وعدم المحاسبة. هذه بعض الملاحظات الموجزة للغاية فمتى نجد مجتمعنا متنبها لهذه القضية التي أصبحت إرهابا مروريا مخيفا, والى متى نستمر على هذا الحال, أسر تيتمت بسبب الحوادث وفقدت عائلها, عوائل بكاملها ذهبت ضحية الحوادث, شباب في مقتبل أعمارهم معوقين في كل مدينة وقرية, إحصائيات كوارثية مخيفة في بلدنا نختلف عن كل بلدان العالم..
علينا جميعًا أن نواجه هذه المشكلة بكل حزم ووعي, مسؤولين ومنظرين, وكتابا, وأطباء, وعلماء دين, وأطباء نفسيين, ومرشدين, وأولياء أمور, وإلا فالمصائب والكوارث ستكون أشد وأنكى في قادم الأيام.. والله الهادي إلى سواء السبيل..