محمد آل الشيخ
يقولون إن هناك انقساماً في القيادة القطرية، الأب ومعه الحية الرقطاء حمد بن جاسم وفريقهما يصران على العناد والتحدي والمكابرة أوما يسمونه الصمود، أما الابن تميم الأمير الحالي وفريقه فيرغبون في التعامل مع طلبات دول الخليج بموضوعية، والامتثال لشروط الدول الأربع. لا أدري عن صحة المعلومة بصراحة، لكنني أصدقها، لأن الأب حمد - كما هو معروف عنه - مشهور بحقده على المملكة ودول الخليج، إضافة إلى أن لديه رغبة جامحة مرضية، استغلها بعض عرب الشمال والأخونج المتغلغلين في مؤسسات السلطة هناك، فدفعوه لخلط الأوراق، وإقحام قطر في قضايا إقليمية لا ناقة له فيها ولا جمل.
فدعم جماعة الإخوان المتغلغلين في الجسد العربي ليساعدوه على تحقيق طموحاته، وسخّر ثروات بلده الصغير الذي لا يملك من عوامل القوة إلا المال، في رهانات ومغامرات عبثية، لا جدوى لهذا البلد الصغير منها.
الأمير الأب -كما يقال عنه - ما زال يملك قوة وسلطة، ولديه رغبات مجنونة، (قذافيّة) الدوافع، استغلها - أيضاً - ابن عمه، وهو من أطراف أسرة آل ثاني بالمناسبة، فعمل مبكراً على تحقيق أهدافه، حين كان رئيساً للوزراء ووزيراً للخارجية في حكومة حمد السابقة؛ ومعروف عن ابن جاسم هذا الدهاء والخبث والتآمر والانتهازية، كما يقول أهل قطر، فأصبح مقرباً لديه، رغم أنه كان يغار منه، وغالباً ما يتلفظ عليه بألفاظ قاسية مهينة، ليوهم زواره أنه الأقوى.
غير أن ابن جاسم كان يتحمل لأنه وضع لنفسه هدفاً وهو الإثراء ثم مغادرة قطر والعيش في لندن، وهذا ما حدث بالفعل لاحقاً، وحينما اضطر حمد بن خليفة بعد فضيحة الأشرطة المسربة أن يتنازل لابنه مرغماً، خرج ابن جاسم من الحكومة، ومن قطر ليعيش في الخارج.
غير ان حمد بن خليفة عاد ليستعين به بعد أن تفاقم الصراع بينه وبين ابنه الأمير؛ وتقول الأنباء والشائعات المنتشرة في الدوحة إن الأمير الأب ما زال يمسك ببعض النفوذ في القطاعات العسكرية، والإعلامية، ويعمل على استبدال تميم بأخيه عبدالله بن حمد، بعدما شعر أن الابن يعمل جاداً للإطاحة به وإقصائه، وإلقاء مسؤولية ورطة قطر على كاهله، ومنعه من دخول الدوحة، وتحقيق كل مطالب دول الخليج، ومن ثم مطالبة السلطات البريطانية بتسليم الحية الرقطاء حمد بن جاسم للسلطات القطرية، ومحاكمته على المبالغ التي اختلسها عندما كان رئيساً للوزراء في حكومة الأب والتي يتحدث عنها القطريون في مجالسهم.
بالمختصر المفيد يريد تميم أن يتغدى بأبيه قبل أن يتعشى به.
وعلى أية حال، وسواء كانت هذه القصة صحيحة أو مختلقة، فإن الشمس لا يمكن حجبها بغربال، فمن الواضح الذي لا يمكن لأحد أن يكابر فيه، أن ثمة خلافات عميقة بين سلوك الأب والابن، وجاءت قطع العلاقات لتصب مزيداً من الزيت على الصراع المحتدم، لتزيده اشتعالاً، وكل ما نرجوه نحن الخليجيين ألا تتفاقم أزمة الأب وابنه وتصل إلى السلاح.
فالعاقل من استشرف المآلات، وتصرف اليوم بما ينهي الصراع غدا بأقل خسائر ممكنة، حتى وإن كان على حساب طموحاته.
المهم ألا ينجر الاثنان إلى نصائح الانتهازيين من الاخونج وعرب الشمال الذين سيوظفونها لخدمة أجندة كل طرف، فلم تجد قطر من هؤلاء الانتهازيين إلا البلاء والمشاكل والإدانات من كل حدب وصوب.
إلى اللقاء