د. أحمد الفراج
يطربني وعي شعب المملكة، منذ أن بدأت هذه الأزمة الخليجية، التي تسببت بها حكومة قطر، وأجبرت المملكة وحلفاءها على اتخاذ القرار الأصعب، وذلك بقطع العلاقات معها، فآخر العلاج الكي، إذ لا يمكن للمملكة أن تتحمل تدخلات واستفزازات قطر، التي وصلت حداً لا يمكن السكوت عنه، وأصبحت بالفعل تهدد أمننا القومي، ولأن المملكة لها ثقلها الإقليمي والعالمي، ولأنها لا يمكن أن تتخذ قراراً صعباً، إلا بعد أن تكون قد استنفدت كل الحلول الأسهل، فقد شاهدنا أن القوى العالمية ساندت موقف المملكة وحلفائها، وعلى رأس هذه القوى تأتي أمريكا، التي أعلن رئيسها بكل وضوح مساندته للمملكة، ودعوته لقطر بالتوقف عن دعم الجماعات الإرهابية، ومع كل ذلك لا تزال قطر تتخبط، وتكابر، وتستنجد بالجماعات الإرهابية لخلق جو من الارتباك حول مسألة غاية في الوضوح!.
كانت هذه الأزمة فرصة للتمايز، فقد هب المواطنون السعوديون نصرة لبلدهم، واتضح أن تويتر، الذي تحظره بعض الدول خوفاً من شعوبها، مثل إيران، أصبح هو السلاح الذي يستخدمه الشعب السعودي لردع خصوم بلادنا، حتى أصبح كل مواطن رجلاً للأمن، دون أن يطلب منه ذلك، ولا غرو، فالمواطن السعودي أثبت خلال كل الأزمات التي مرت بها بلادنا أنه درع يذود عن بلاده، ورقم صعب يستعصي شراؤه، فهو قد يختلف مع بلاده، وقد تكون له رؤى معينة. هذا، ولكن ما أن تكون بلاده في موقف يستوجب المساندة، إلا وتجد هذا الشعب الأصيل يمتطي صهوة الولاء، ويقاتل مثل الفرسان، دفاعاً عن الوطن، والمواطن السعودي يملك من الوعي ما يجعله صعب المنال على تجار الأزمات، ومرتزقة المواقف، وقد جرب هؤلاء طبيعة هذا الشعب العظيم!.
وبحكم أنني أكتب وأغرد وأشارك تلفزيونياً خلال هذه الأزمة، فإنّ ردود أفعال شعبنا السعودي تصلني أولاً بأول، وتشعرني بأنه لا يمكن هزيمة وطن يمثله هذا الشعب الأصيل، الذي يفخر بمنجزات بلاده، ويقدر عالياً حجم التضحيات التي بذلت ليصل هذا الوطن إلى ما وصل إليه، فقد استطاعت المملكة أن تكون شريكاً للقوى العالمية، وقائداً للعالمين العربي والإسلامي، بل وتفرض رؤيتها السياسية متى ما أرادت ذلك، ولئن كانت المملكة قوة يحسب لها ألف حساب حالياً، فإنها مقبلة على تنفيذ خطوات تنموية كبرى، يستحقها هذا الشعب السعودي النبيل، الذي يعتبر عماد هذا الوطن، ويقف دوماً خنجراً مسموماً ضد كل من يتطاول عليه، ودونكم ما يفعله هذا الشعب الآن، ووطن هؤلاء أبناؤه لا خوف عليه بإذن الله!.