د. عبدالواحد الحميد
مازال أمام الجمعيات الأهلية مشوار طويل كي تُرَسِّخ أقدامها كمنظمات مجتمع مدني وفق ما هو متعارف عليه عالمياً، لكنها استطاعت دون شك أن تحقق الكثير من المنافع للمجتمع على امتداد عقود طويلة من الزمن.
وبالطبع لا تستطيع هذه الجمعيات أن تسهم بشكل فاعل يتناسب مع المرحلة الحالية من المستوى التنموي المتحقق في الوطن إلا بتطوير قوانينها وأنظمتها وإزالة الكثير من المعوقات الإجرائية التي تعرقل إنشاءها وتطويرها.
فمنظمات المجتمع المدني هي ركيزة مهمة في العصر الحاضر في المجتمعات المتقدمة، جنباً إلى جنب مع المؤسسات والأجهزة الحكومية، سواء فيما يتعلق بقضايا الاقتصاد أو البيئة أو الصحة أو الثقافة أو غيرها من الجوانب.
وقد دشن وزير العمل والتنمية الاجتماعية في الأسبوع الماضي منصة إليكترونية باسم «إفصاح» تم تعريفها على أنها الأداة الرئيسية المعتمدة رسمياً في الإفصاح عن بيانات الجمعيات الأهلية. وقال وكيل الوزارة للتنمية الاجتماعية إن «المنصة تعمل على تمكين أفراد المجتمع والأطراف ذات العلاقة من الاطلاع على البيانات الأساسية والديموغرافية والمالية للجمعيات الأهلية، بما يحقق أعلى مستويات الشفافية».
ومن الفوائد التي تحققها هذه المنصة تعزيز قدرة الوزارة وغيرها من الأجهزة الحكومية ذات العلاقة على مساءلة الجمعيات الأهلية كنتيجة لتوفير المعلومات وبياناتها وأنشطتها وخدماتها وقوائمها المالية.
هذه الشفافية مطلوبة، وقد أثبتت الأحداث التي مر بها الوطن والتجارب المتراكمة لهذه الجمعيات ضرورة توفير جميع المعلومات وإتاحتها لكل من يطلبها سواء من أجهزة الدولة أو من العموم في المجتمع.
وأود أن أشير، في هذه المناسبة، إلى نقطة عن الشفافية لاحظتها شخصياً وأعرف أن هناك آخرين لاحظوها وهي تتعلق بالمعلومات التي تخص الأشخاص الذين يرغبون الالتحاق في عضوية بعض الجمعيات الخيرية بناءً على مبادرة منهم أو بدعوة من تلك الجمعيات، مثل الجمعيات المهتمة بالتوعية ببعض الأمراض والانخراط في أنشطتها.
فهذه الجمعيات تطلب معلومات شخصية جداً تتجاوز رقم الهوية الوطنية والبريد الإليكتروني وما شابهها إلى معلومات تتعلق بأخص خصوصيات الإنسان ولا يريد أن يتداولها الغير.
ومثل هذه التعقيدات غير ضرورية وتحرم الجمعيات من الحصول على عضوية الكثير من الناس الراغبين في مساعدتها مالياً أو الانخراط في أنشطتها.
وقد قيل لي إن هذه الاشتراطات أمليت على الجمعيات من قِبل الوزارة ولا حيلة لها بإلغائها.
عموماً، إطلاق هذه المنصة خطوة جيدة إلى الأمام.
فتعزيز الشفافية أمر مهم جداً كي يطمئن الناس إلى سلامة أداء هذه الجمعيات.
ولعل المطلوب، بعد ذلك، هو تطوير الأنظمة بحيث يتم تسهيل إنشاء الجمعيات في مختلف المجالات، وكذلك التركيز على الجوانب المهمة في الشفافية دون أن يتحول مطلب الشفافية إلى مُعَوِّق بيروقراطي.