حمّاد السالمي
* في الوقت الذي كانت فيه كافة أنظار العالم تتجه صوب الدوحة عاصمة دولة قطر؛ عقب الإجراء الموحد ضدها بقطع العلاقات معها؛ من قبل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، ومصر؛ حتى جاءت محاولة بائسة من الطرف الآخر في طهران، لجلب الانتباه إليها، بافتعال عملين إرهابيين -زعموا- استهدف الأول على قولتهم مجلس الشورى (البرلمان)، واستهدف الثاني مرقد الخميني.
* وحيث إنه لا يوجد في طهران ممثلين لأي صحافة أو مراكز إعلامية عالمية، ولا يعرف المواطن الإيراني شيئًا عن قنوات التواصل الاجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية، من (تويتر وفيس بوك وسناب شات) وخلافه؛ فهذه ممنوعة عليه مثلها مثل البث التلفزي الذي يعمل بنظام (الكيبل)، فتنحصر الرؤية في تلفزات الجمهورية الإيرانية، وتلك التي ترغب فيها السلطة فقط، وهذا واقع لمسته بنفسي في طهران وأردبيل وأصفهان نهاية عام 2006م. في مثل هذه الحالة؛ التي تتعلق بحادثين إرهابيين يضربان في عمق العاصمة طهران، فليس أمام المواطن الإيراني قبل أي أحد خارج إيران، إلا الأخذ عن رواية إعلام إيران نفسه، وهذا ما حدث بالضبط، فلم نجد مراسلاً لصحيفة أو تلفزة عالمية؛ وقف على موقعي التفجيرين المزعومين، ووصف لنا مشاهداته ميدانيًا.
* تحدث الإعلام الإيراني عن تفجير وقع في مكانين، وتضاربت أقواله حول المنفذين من الإرهابيين، وحول الضحايا، ومن دبر ونفّذ، ولم يدعم هذه المزاعم بما يكفي حتى من الصور..! وناب عنه مقطع فيديو منسوب لـ (دولة الخرافة الإسلامية - داعش)، يتبنى الحادث، وخاصة الموجه ضد مرقد الخميني. الملفت أن هذا المقطع؛ جاء في يوم التفجير نفسه، وكأنه كان معدًا قبل عملية التفجير..! ما يذكرنا بالتسجيلات المتلفزة للقاعدة وزعيمها الهالك (ابن لادن)، التي تخصصت في عرضها قناة الجزيرة القطرية وقت ذاك، وكانت تتناول اعترافات الإرهابيين بالهجوم الإرهابي على نيويورك في 11 سبتمبر 2001م بعد هلاكهم.
* أخذت فبركات المسرحية الهزلية للإرهاب التي عرضت في طهران على مدى ثلاثة أيام تتوالى، فالمهاجمون اثنان.. لا سبعة.. أكثر.. أقل.. سقط ضحايا.. كم عددهم.. غير معروف.. تم القبض على عدد من المنفذين.. أخيرًا: المنفذون قتلوا جميعًا..! حتى العقل المدبر للعمليتين تم قتله..! جريمة بدون شهود إثبات..! ولأن حبل الكذب قصير كما يقال، فإعلام الملالي يتحدث عن تدبير سعودي..! هكذا.. ثم يتحدث في الوقت نفسه عن أن المنفذين إيرانيون..! ثم في نهاية الأمر؛ تظل الحقيقة التي أشار إليها أكثر من معارض إيراني خارج أسوار سجن جمهورية الملالي ساطعة.. إنها مجرد مسرحية مثبتة بكل تأكيد، ذلك أن إيران التي ظلت على مدى عشرين سنة في صف إسرائيل وقطر، في تصالح تام مع المنظمات الإرهابية وجماعاتها الدينية المتوحشة؛ هي أحوج الدول اليوم لتنضم إلى نادي الدول المتضررة من العمليات الإرهابية، فلا يوجد في المنطقة ولا في العالم تقريبًا؛ دولة لم تتضرر من الإرهاب، ولم تتأذ من التفجير والقتل والتخريب، خاصة من مليشيات الإخوان المجرمين، ومن القاعدة وداعش، وما تفرع عنهما من شبكات تتاجر بالإرهاب، فهي تنفذ عمليات إرهابية لحساب إيران وقطر، وتقبض من خزينة دولة قطر المتخمة بأموال النفط والغاز.
* وجدت إيران نفسها في خندق واحد مع دولة قطر.. دعم المشروع الإرهابي الموجه لدول الجوار العربي في الخليج والعراق وسورية واليمن، وحتى في مصر وليبيا وغيرها. قادة القاعدة وداعش والنصرة والإخوان المجرمين وحماس وحزب اللات وخلافهم؛ يجدون الحضانة والحماية والرعاية في طهران والدوحة، واليقظة السياسية التي نهضت بها المملكة والإمارات والبحرين ومصر ودول أخرى، سوف تقود رعاة الإرهاب وحماته في إيران وقطر إلى المحاسبات القانونية دوليًا، إضافة إلى العزلة والمقاطعة إقليميًا، ولهذا تفتقت العقلية المتحجرة تحت عمائم الملالي المتحكمين في إيران، عن فكرة الإرهاب الذي يستهدف طهران لأول مرة، وكأنها تقول للعالم الهادر المائج ضدها: (كلنا في الإرهاب شرق وغرب)..!
* قطر التي تواجه المصير الإيراني ذاته؛ ليست جديدة على مسرحية هزلية من هذا النوع؛ ففي سنة 2005م قالت: بأن إرهابيًا اسمه (عمر أحمد المصري)؛ نفذ عملية تفجير بمدرسة. وفي سنة 2015م قالت كذلك: بأن سيارة مفخخة تم تفجيرها على طريق قاعدة العديد. وطيلة عقدين كاملين؛ كانت قطر تدير وتقود وتمول عمليات التفجير والقتل والتخريب في عدة دول عربية قريبة منها وبعيدة. لم تسلم من أذاها ليبيا وسورية والعراق واليمن ومصر والأردن، ولم تسلم كذلك أقرب الدول إليها جوارًا في مجلس التعاون الخليجي الذي تنتمي إليه، فعبثت بأمن المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة والكويت، وسعت بكل ما تملك لنشر الفوضى في مجتمعات هذه البلدان، لإرضاء وخدمة من ترتبط معهم بعلاقات ودية في إسرائيل وإيران، كما قال بهذا أميرها الشيخ تميم في تصريحاته الفضيحة.
* قطر إذن.. هي الأخرى في أمس الحاجة إلى مسرحية إرهابية هزلية أو أكثر، على غرار ما فعلته طهران مؤخرًا بجوار برلمانها، وخارج أسوار مرقد خمينيها الملهم لثورتها المدمرة لها ولغيرها.
* متى يتم عرض هذه المسرحية الإرهابية في الدوحة؛ فنشاهد عرضها حيّاً على قناة جزيرتها، دون رتوش أو خدوش من القادة فيها من أمثال: (عزمي بشارة، ويوسف القرضاوي)، وبقية المتنفذين في السياسة القطرية، من عرب وعجم، ممن هم غرباء على الشعب القطري..؟!.