د. محمد عبدالله العوين
{وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} لا يمكن أن نغتبط لما حدث أو سيحدث لقطر، آلمنا إلى حد الفجيعة ما كشفت عنه تطورات الأزمة، وآلمنا أيضا بصورة أبلغ وأشد ما يمكن أن يؤذي أشقاءنا جراء سلوك قيادة قطر ؛ ولكننا ونحن نقاسي آلام خيانة الأخ وغدر الجار نحمد الله تعالى أن خبايا كثيرة وأسرارا عديدة ومعلومات جديدة صدمتنا بادئ ذي بدء حين احتدمت الأمور واشتد التجاذب وحمي وطيس الفرز إما مع أو ضد؛ فانكشف كل على حقيقته، وبانت العورات المتسترة بورق التوت، وافتضح المدارون اللاعبون على الحبال الآكلون من موائد هنا واللاعقون جزما هناك، وعُلم خبر وحقيقة وانتماء الرحالة الزائرين بين الفينة والفينة، والخطباء المدعوين الذين يذهبون خماصاً خاوية بطونُهم ويعودون وحقائبهم بجراً.
من فضل الله تعالى أن الشوكة يشاكها المؤمن وينال بها أجرا؛ فكيف بمصيبة عظمى قد يترتب على ما نهضت عليه من غدرٍ وخيانةٍ خرابُ أوطان وشتاتُ أمرٍ وإراقةُ دماءٍ وضياعُ مصالح؟!
من مكاسب هذه الأزمة وحسناتها ؛ إن كان لها ثمة ما نعده في تداعياتها حسنات:
- أن من كنا نعتقد أنه أخ شقيق مناصر لنا في الضراء كما هو مقاسم لنا في السراء تبينت خيانته وانكشف عواره، فلم نعد نحتاج إلى استعطافه أو التماس عذر له بعد أن تكررت وقائع غدره .
والحسنة في هذا التبين بعد طول انتظار، وبعد عهود تبرم فتنقض أننا حسمنا أمرنا معه وقررنا بتره والخلاص منه كأي عضو فاسد في الجسد إن ترك أعدى غيره فهلك الجسد كله، ونزيد الحمد لله أن قرار المواجهة بعد الصبر الطويل قد اتخذته القيادة الحكيمة قبل أن يقدم الأخ العدو على فعل إجرامي كبير آثم مضر ضد الوطن والمواطنين .
- أن فئة لعوبا من أبنائنا وإخواننا لا تستطيع أن تعلن العداء لنا ؛ لأنها أضعف من ذلك ؛ لكنها قد تقدم على الإسفار عن موقفها المعادي لو سنحت لها سانحة قوة، فهي تمارس اللعب على الحبال ؛ إما للتكسب من كل طرف، أو لتكوين جبهة خارجية تستقوي بها، أو للإفادة من دعم الطرف الخارجي مادة ومعنى، والحصول على فرص الإشهار والذيوع والانتشار عبر منابره الإعلامية بعد أن حجبت منابر الوطن أمامها ؛ لانحرافها عن الاعتدال، وسلوكها سلوك التحزب والضلال باسترشادها هدي الجماعة وارتهانها لما تأمر به وتنهى عنه.
وهذه الفئة أصبحت على المحك بعد أن طال بنا انتظار حسم موقفها، وها قد جرتهم أزمة قطر جرا إلى ما كانوا يتحاشون الإفصاح عنه، فانقضى زمن البين بين واللعب على الحبلين، ولا بد من إعلان الموقف الفصل ؛ إما مع الجماعة ومرشدها ورئيس علماء اتحاد المسلمين المزعوم أو مع قيادة الوطن وهيئة كبار علمائه .
- أن حمدا وحمدا من عام 1996م وإلى الواجهة تميم الذي يأمرانه فيأتمر يمارسون العداء المطلق لوطننا وقيادتنا بشتى الوسائل ؛ فقد اكتشفنا أنهم من يعولون ويكدون ويسكنون وينفقون على المنشقين في لندن، ويرسلون لهم الشيكات، ويرسمون لهم الإستراتيجيات وخطط العمل، فهم رعاة وحضن كل منشق خائن رخيص أجير .
- أن قيادة قطر تدعم وتنسق وتمول المتطرفين والتكفيريين والإرهابيين في كل مكان، وتهدف من ذلك إلى إثارة الفوضى في ديار العرب لتصل إلى السعودية.
- أن قيادة هذا الوطن تتمتع بطول البال وسعة الصبر وعمق البصيرة ولا تقدم على الحسم إلا بعد أن تكون كل الدلائل مرصودة والظروف مواتية.