محمد بن عبدالله آل شملان
يوماً عن يوم تشهد الساحة الوطنية نشاطات فاعلة ومتسارعة نحو السير على خطى النمو والتطور بكل ثبات مع التمسك بعقيدتها الصافية، والمحافظة على أصالة هذا المجتمع وثوابته. وليس هناك من شك في أن الأمر الملكي الكريم الذي استيقظ عليه السعوديون صباح يوم أمس الأربعاء الـ 26 من رمضان 1438هـ، قد شكّل مساراً ضمن مسارات التوهج وطريقاً من طرق استنهاض الدور للحفاوة بالمستقبل والانتقال بالعمل الوطني إلى طريق التحديث والتغيير عبر ضخ الدماء الشابة في مسار يمضي فيه الوطن نحو مستقبل مشرق وسط تزايد التحديات، وذلك إن دل على شيء، فإنما يدل على توافر عوامل الثقة المتبادلة والتفاهم المشترك والعمل المسؤول لدى قيادة هذا الوطن - أعزها الله تعالى - على تحقيق أمل شعب هذا الوطن في المحافظة على وحدة وطنه التي طالما تطلعتْ إليها وقدمت في سبيلها أغلى التضحيات.
لقد أسَّس الملك عبدالعزيز - طيّب الله ثراه - ومن معه دعائم هذا الوطن، وحققوا وحدته على هدي من التمسك بالشرع الحنيف واتباع سنة خير المرسلين صلى الله عليه وسلم، وخلال العقود التي تلتْ مرحلة التأسيس إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - وهو - ولله الحمد والمنة - يسير على خطى السلام والتقدم والعزة والأمن والاستقرار.
قدَرُ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - رعاه الله - أولاً أن يكون مصدر هذا القرار، وقدره ثانياً أن يكون حاضناً لهذه القرارات الناضجة والواعية والمؤتلفة، وقدرُهُ ثالثاً أن يستوعب ويدرك الظروف الدقيقة ليرسم في كل قرار جداريّة القدرة المبكرة على مواجهة المسؤوليات والنظرة القادرة على مجابهة المواقف، وقدره رابعاً أن يأتي بعده ذلك المشهد الذهبي لمبايعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز في قصر الصفا بمكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بمناسبة اختياره وليا للعهد؛ إعلاناً للعالم بمدى التلاحم العظيم بين أفراد هذه الأسرة المباركة، وسعيهم الحثيث لاستقرار مفاصل الوطن منذ عهد المؤسس - طيّب الله - حتى هذا العصر الميمون.
تتفاوت القرارات وأثرها، لكن هذا القرار يتماهى في صورة دلالية في هذا المكان الكبير (المملكة العربية السعودية) إضاءة عقائدية إسلامية «وعملاً بتعاليم الشريعة الإسلامية فيما تقضي به من وجوب الاعتصام بحبل الله والتعاون على هداه، والحرص على الأخذ بالأسباب الشرعية والنظامية، لتحقيق الوحدة واللحمة الوطنية والتآزر على الخير»، وتمتين للثقة في مؤسسة الحكم في هذا الوطن «وانطلاقاً من المبادئ الشرعية التي استقر عليها نظام الحكم في المملكة العربية السعودية، ورعاية لكيان الدولة ومستقبلها وضماناً - بعون الله تعالى - لاستمرارها على الأسس التي قامت عليها لخدمة الدين ثم البلاد والعباد، وما فيه الخير لشعبها الوفي».
إنّه القرار الذي يضمن استمرارية النجاح لهذا الكيان الكبير واستقراره، ويضمن له أن يتسع للجميع، وله أن يضم كافة أفراده، ولروحه أن تسري وتتمدد في عروق الجميع بدم واحد ولون واحد. وقد كان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الدور المميز لإنجاز هذا القرار وإصداره بعد تصويت استثنائي من هيئة البيعة، وذلك بتصويت 31 من أصل 34 من أعضائها، ولا يقف الثناء عند هذا الحد، بل يمتد إلى المشمول بالقرار الذي يعرض هو الآخر سجله في حب الوطن والإخلاص للدين عبر ملف الرؤية السعودية 2030.
وهُنا يكمن القرار الصائب الحكيم والنظرة الثاقبة والرؤية السديدة، القرار الذي يظهر فراسة قائدنا الملهم خادم الحرمين الشريفين والتي اشتهر بها حتى غدت واحدة من ألمع صفاته، كيف لا؟!! وهو قد نشأ وشب تحت بصر وسمع والده المؤسس الملك عبدالعزيز - طيّب الله ثراه -. ومن خلال الوقوف على سيرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، - الذي أبارك لسموه حقيقة هذه الثقة الملكية الكريمة، نجد أنه الرجل العملي الذي ظل يمارس - أعانه الله - مسؤولياته في خدمة هذا الوطن منذ أن تخرج من جامعة الملك سعود تخصص القانون، حيث أوفد وأنيب وعُهد إليه باستشارية هيئة الخبراء في مجلس الوزراء في 2007، ثم مستشاراً لأمير منطقة الرياض عام 2009، والأمين العام لمركز الرياض للتنافسية ومستشاراً خاصاً لرئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز، عضو في اللجنة التنفيذية العليا لتطوير محافظة الدرعية، إلى غير ذلك من الأعمال الإدارية. وحظي بثقة خادم الحرمين الشريفين وزيراً للدفاع ونائبا ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، ورئيساً لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. وحالياً ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع.
وبعد..في يقيننا أنّ ولي الأمر في وطننا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - سلمه الله - بهذا القرار يرسل رسالة كافية ليدرك كل الذين يؤرقهم نجاح هذا الوطن الراشد وانتصاره، ومعنى الرسالة واضح!، وليدركوا أيضاً أن حقائق التاريخ والحياة في أن هذا الوطن مندفع إلى الأمام ومتطلع للغد وأن الجيل الذي فتح عينيه على صبح الوحدة الوطنية المنير هو اليوم أكثر تماسكاً بوحدته وتواصلاً معها؛ لأنها تاريخه في الأساس وسبيله إلى الحياة الأفضل.
وختاماً نسأل الله تعالى أن يحفظ لنا قائد مسيرتنا سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ويمده بطول العمر على طاعته ودوام الصحة، وأن يمنح العون والسداد لسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز سمو ولي العهد الأمين وزير الدفاع، وأن يأخذ بيده إلى كل ما فيه خير وصلاح المجتمع السعودي بخاصة والمجتمع العربي والإسلامي بعامة، وأن يحفظ الله تعالى لوطننا أمنه واستقراره، وأن يديم عليه ثوب العزة والفخر، ويحفظ آل سعود ذخراً لهذا الوطن وشعبه، إنه سميع مجيب.