إبراهيم بن سعد الماجد
على ذات النسق في حكم هذه البلاد القوية بثوابتها في وجه المتغيرات، التي تغرس جذور لحمتها عميقًا في باطن هذه الأرض المعطاءة، جاء اختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وليًا للعهد بما يعكس شباب وقوة بلادنا واتجاهها للمستقبل بجيل جديد في مؤسسة الحكم يمتلك حكمة الشيوخ وعزيمة الشباب والرؤية الثاقبة نحو الأفق لوضع هذه البلاد في المقام الرفيع الذي يليق بها.
سمو الأمير محمد بن سلمان نموذج وعنوان عريض للدولة الحديثة التي تتمتع بكل المرونة والحيوية التي تجعلها تواصل مسيرة النهضة والتطور، وتلهم شباب بلادنا وتحفزهم من أجل المساهمة الأكثر فاعلية في البناء والعطاء، خاصة أننا في خضم تنفيذ رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 وهي جميعها عمليات واسعة وكبيرة ابتدأها سمو الأمير محمد وعكست فكره الثاقب في تنمية وتطوير بلادنا الغالية، وهي برامج ومشروعات تعبر عن طموحات وطن ومواطنين وقدرتهم على تجاوز تحدياتهم والوصول إلى طموحاتهم من خلال منظومة متكاملة من البناء والعمل والإنتاج.
سمو الأمير محمد ومن خلال وجوده في السنوات الماضية بمؤسسات الدولة أكَّد أنه شخصية قيادية بامتياز، ويمتلك عقلاً وفكرًا وطاقة هائلة في خدمة بلاده ومواطنيه، وحين ننظر في محاور رؤية المملكة نكتشف أن بإمكان بلادنا أن تمضي بعيدًا في كل مجالات النماء والازدهار ومنافسة دول العالم المتقدمة طالما نتمتع بموارد هائلة طبيعية وبشرية، مع فرص كبيرة لتوسعة خياراتنا الاستثمارية ومصادر الدخل الوطني، وهو أحد أهداف سموه الرئيسة التي يمكن أن تحمي الاقتصاد الوطني وتمنحه مناعة ضد تقلبات الأسعار النفطية التي يتم الاعتماد عليها حاليًا بنسبة كبيرة.
الاقتصاد أحد المحاور الرئيسة في صناعة المستقبل، ومن خلال الرؤية والتحول يمكن أن نعبر بالمملكة كل جسور التحديات، فسمو الأمير محمد أظهر حرصًا فائقًا على تطوير قدرات بلادنا، ونجح في استقطاب أكبر الخبرات والتجارب الدولية في عمليات النمو وتطوير القدرات، والتحدي الحقيقي. الآن بأيدينا كمواطنين أن نقف بجانب سموه وندعمه بالعمل والإنتاج لأن التنمية لا يمكن أن تكتمل دون جهد وطني صادق وخالص أسوة بما يبذله سموه من جهد خارق في الفكر والعمل والحرص على كفاءة العمل بدولاب الدولة.
يحرص سمو الأمير محمد على تنويع مصادر الدخل الوطني والخروج من عباءة الاقتصاد الريعي لأن ذلك الوضع الطبيعي قياسًا بمتغيرات الأسواق الدولية الحالية وتراجع أسعار النفط بما يجعله سلعة غير مأمونة ولا تسهم كما في السابق في تحقيق إيرادات مضمونة وكافية لتغطية الميزانيات، لذلك الخيار البديل يكمن في تغييرات جذرية تبدأ من قاعدة الاقتصاد المعرفي وتطبيقات الرؤية والتحول، ففيما يتعلق بالاقتصاد المعرفي الذي يدعم الرؤية فإن بنيته التحتية تتشكل حاليًا بحيث نحصل على اقتصاد نشط ومتطور يعلو فيه الفكر الاستثماري ويصبح كل مواطن يعيش حياة تقنية منظمة وأكثر انفتاحًا على العلوم وترشيد الاستهلاك والإنفاق، ودراية بالسلوك الرشيد في تدبير الميزانيات الخاصة، أي نصل إلى مستوى المستهلك الرشيد الذي يعزز اقتصاده الوطني ويضيف إلى الاقتصاد الكلي ميزات مقدرة تسهم في نموه.
بالنسبة للرؤية التي يعد سمو الأمير محمد عرّابها ومهندسها فهي بمنزلة بوابة عبور واسعة ندخل عبرها إلى فضاء المستقبل التنموي ونحن أكثر قوة وصلابة وقدرات إنتاجية، لأنها تستهدف بناء مجتمع حيوي يملك فيه كل مواطن القدرات الضرورية التي تجعله نشطًا في عملية البناء والصعود التنموي باتجاه الرفاهية والمحافظة عليها، كما أنها تستهدف بناء الاقتصاد المزدهر الذي يرتكز إلى أسس وقواعد متينة من الموارد والعمليات الإنتاجية التي تشمل جميع الاقتصاديات بتوازن واتزان بما يؤهلها لأن تقدم دومًا قيمًا مضافة للاقتصاد الوطني الذي ينطلق في مساره التصاعدي بما يجعله بإذن الله ضمن الاقتصاديات الدولية الأولى لأن هناك طموحًا وفكرًا واثقًا للوصول إلى تلك المراحل المتقدمة.
الرؤية تستهدف كذلك الوصول إلى تحقق معطيات محور وطن طموح، وفي هذا الإطار فإن وجود سمو الأمير محمد في مركز قيادي متقدم يضيف إلى فعالية أدوات التنفيذ والوسائل دعمًا كبيرًا يستكشف قدرات كل مواطن ويحفزه لبذل أقصى الجهد والفكر من أجل مواكبة هذا المحور، لأنه خلاصة التطلعات التي تجعلنا دومًا في مراكز القيادة والصدارات التنموية على المستوى الدولي، وهذه الرؤية حزمة فكر ومنهج عمل متقدم نثق في أن سموه سيعمل بكل طاقته ويبذل كل ما في وسعه من أجل أن تتحقق على أرض الواقع وتمنحنا كمواطنين كثيرًا مما نسعى إليه ونطمح له من خلال أقصر الطرق.
إننا في هذا المقام نبايع سمو الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد وعضدًا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- وهي بيعة واجبة ومسؤولية كبيرة وأمانة في أعناقنا بحيث لا نخذله أو نتوانى في بذل كل جهدنا وطاقتنا من أجل العمل لصالح وطننا ومجتمعنا، ولا نحسبه يترك مساحة لأحد لا يعمل لأنه يظل نموذجًا للطاقة المتفجرة والصدق في العمل والعطاء والبناء والعمل الدؤوب والحرص المؤكد على تطور ونهضة بلادنا، وعلى هذا الطريق مضت بلادنا عبر أكثر من مائة عام من تلاحم القيادة والشعب في ملحمة تاريخية ظلت على الدوام نبراسًا يضيء لأجيال بلادنا مساراتها في العمل والتنمية وحب القيادة التي تثبت دومًا حبها لوطنها ومواطنيها وتضعهم محل الأولوية في كل فكرها ونهجها الإداري والسياسي والتنموي.
وكما نثبت جدارة سمو الأمير محمد بولاية العهد لما يمتلكه من كاريزما وحضور فائق، وطاقة شباب كبيرة، فإننا في هذا السياق نشكر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز الذي قدم طوال سنوات الكثير لوطنه وكان عينه التي لا تنام، وضرب بسهم كبير في حماية بلادنا من الإرهاب والمحافظة على أمنها واستقرارها، وقدم نموذجه المهم في المجال الأمني وهو الذي نهل من معين والده المغفور له بإذن الله الأمير نايف بن عبد العزيز -رحمه الله- الذي كان مدرسة في الأمن ومكافحة الإرهاب، فشكرًا له من القلب على كل جهده في تثبيت دعائم الأمن ببلاد الحرمين.
إننا في مرحلة تاريخية دقيقة نستلهم فيها معطيات التطور من خلال الرؤية والتحول بقيادة سمو الأمير محمد الذي يشرف على تنفيذ مشروعاتهما، ونثق بعون الله في أننا سنصل إلى مبتغانا ونحقق أهدافنا الإستراتيجية، لأن هذا الوطن يمضي بعزيمة رجال وقوة إيمان بتلاحم تاريخي فريد بين القيادة وشعبها، وذلك سر الاستقرار واستمرار التنمية وتتجاوز التحديات وملامسة سقف الطموحات، في ظل تمسكنا بدستور بلادنا الذي تأسست عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.