خالد بن حمد المالك
يراهنون على سقوط وطننا، يمنون أنفسهم بخلافات بين أركان الحكم لتكون هذه البلاد أنقاضاً بعد كل هذا البناء الشاهق، ويتألمون، ويصابون بالهزيمة كلما رأوا هذا التلاحم بين المواطنين وقياداتهم، ويشعرون بالذل أمام هذه الظاهرة غير الموجودة في غير المملكة، وأعني بها انتقال السلطة من ملك إلى ملك ومن ولي عهد إلى آخر في هدوء وسلاسة وانسيابية.
* *
تذكَّروا كيف كانوا يُصدمون كلما اعتقدوا أنها فرصتهم لتعكير صفو الحياة في المملكة، فإذا بالمواطنين يخيبون آمالهم، ويؤكدون حكاماً ومحكومين أن هذه البلاد ستظل عصية على كل متآمر عليها، وأنها أقوى مما يتصورون، وأكثر صموداً ومناعةً ضد أي تخطيط هدفه المساس بأمن المملكة، أو النيل من ثوابتها وسياساتها وتاريخها.
* *
هي المملكة بمناطقها ومدنها ومحافظاتها وقراها ومراكزها، بقبائلها وأسرها، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، وعلى امتداد كل مساحاتها، تضرب المثل في قوة التماسك بين المواطنين، وفي التنظيم البديع في انتقال السلطة من واحد لآخر، دون أي مظاهر غير تلك التي تعبِّر عن الارتياح والثقة بالأمان، وأن من بُويع قد تم وفق الأسلوب الشرعي والاجتماعي، وبالمشاركة الواسعة من أعضاء هيئة البيعة.
* *
هكذا هي المملكة لمن لا يعرف حقيقتها، ولا يسبر أغوار تاريخها، لأولئك الذين لم يدركوا أنهم يغامرون بكلامهم إذا ما فكروا أن المملكة يمكن أن تكون على نحو آخر غير ما عرف عنها، أو أنها سوف تأخذ وجهة غير ما ألف عنها. فالتجربة السعودية في إدارة الحكم فيها غيرها في الدول الأخرى، والاستقرار الذي تنعم به هو محصلة لهذا النظام الذي يدير البلاد بما يستجيب ويحقق رغبة المواطنين.
* *
أكتب هذا الكلام، وأمامي هذا الشريط من الصور التي تتحدث عن الازدحام والتسابق على مبايعة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد في قصر الصفا بمكة المكرمة، وأكتبه حيث يتسابق المواطنون في مناطق المملكة خلف أمراء المناطق لمبايعة ولي العهد الجديد، فأعيش هذه الأجواء في التلفزة السعودية والعربية ضمن برامجها لهذا الحدث التاريخي المهم بالنسبة للمملكة ومواطنيها، وامتداداً إلى شقيقاتها الدول الخليجية والعربية.
* *
ويتفاعل الجميع مع كل هذه المشاهد لأن ما يتوقعونه من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كثير وكبير، تترجمه لنا إنجازاته المهمة حين كان وليا لولي العهد، فحين نقيس ما أنجزه عندما كان ولياً لولي العهد، بما سوف ينجزه-إن شاء الله- حين أصبح ولياً للعهد، سوف تكبر أمامنا الطموحات وتكثر التوقعات، ولاسيما وأن الملك سلمان يدفع بالمسؤولين وعلى رأسهم ولي العهد ليأخذوا بما يلبي طلبات المواطنين، ويحقق آمالهم في عهده.
* *
وإلى أن تنتهي فترة الأفراح، وتختفي صور المبايعات، ويعود رجل المرحلة محمد بن سلمان إلى ملفاته وأوراقه ومكاتبه، وإلى أن يجتمع بالوزراء والمستشارين، وإلى أن يتوج كل هذا بتنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين، سنبقى في انتظار ما سيقوله الأمير محمد بن سلمان، بما سيتحدث به، من الوعود الجديدة التي سيقطعها على نفسه، فالثقة فيه كبيرة، والاطمئنان على أنه إذا قال فعل، وإذا وعد أنجز، هي الخيط الذي يربطنا به، والعلاقة التي تجمعنا معه، فهو منا ونحن منه في حب الوطن والإخلاص له.
* *
أجل، فنحن في وطن لا يشيخ، شباب دائم، بالعمل والإنجاز والحيوية وقيادة سلمان، والروح التي يعمل بها محمد بن سلمان.