تقرير - محمد المرزوقي:
ردود أفعال واسعة شهدتها الساحة الإسلامية والعربية والعالمية، على مستوى النخب السياسية والفكرية والإعلامية والثقافية، وعلى مستوى الجماهير الشعبية، رفضا للإرهاب ولأجندته، وذلك ضمن تواصل الأصداء وتفاعلها بالترحيب بتصريحات فخامة الرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، التي أكد فيها على ضرورة أن توقف خكومة قطر تمويل الإرهاب، وبأن محاربة الإرهاب والتطرف لم تعد خيارًا بقدر ما هي التزام يتطلب تحركًا حازمًا وسريعًا؛ لقطع كافة مصادر تمويله من أي جهة كانت، وبما ينسجم مع مخرجات القمة العربية الإسلامية الأمريكية، ما جعل من تصريحات فخامة الرئيس الأمريكي، التي سمت الأشياء بمسمياتها، ووصفت الإرهاب عبر مرحلة «عملية» عالمية، ستواصل حربها على الإرهاب موصفة أقطابه ومحددة كياناته دولا، ومنظمات، وجماعات، وأفرادا، ما يعكس موقفا أكثر شراكة وأعمق تعاونا في مواصلة مكافحة الإرهاب بمختلف صوره، عبر جهود منطلقها الوعي والفهم «الثقافي» بامتداد الإرهاب وتوسع خلاياه وتنامي شبكاته على المستويين (الافتراضي) و(الواقعي) ما يتطلب المزيد من «ثقافة الشفافية» بين مختلف دول العالم التي تواصل حربها على الإرهاب، ما يتطلب تعاونا فكريا وثقافيا شموليا عبر مختلف المجالات السياسية والفكرية والاقتصادية التي من شأنها التأسيس لمرحلة من الفهم والوعي، نتيجة لما يكابده العالم من ويلات الإرهاب الفكرية والإجرامية عبر المنظمات والجماعات، الذين يتخذون من الفكر أولى أدواتهم لممارسة جرائمهم الإرهابية على أرض الواقع، مستخدمين مختلف الأدوات الثقافية والفكرية وقي مقدمتها:
الاستلاب الثقافي
إن الثقافة التي من شأنها اليوم التصدي لأشكال الإرهاب، والقادرة على قطع جميع أذرعته الافتراضية والواقعية،عبر الوعي الثقافي والتحصين الفكري، ما يجعلها في هذه المرحلة على المستوى العالمي بحاجة قرارات سيادية معلنة بالعمل قبل التنظير على مستوى الحكومات و مؤسساتها، إذ العالم اليوم يعيش في «غرفة كونية» ما يتطلب تضافر الجهود الدولية بمختلف مؤسساتها وفي مقدمتها المؤسسات الدينية والثقافية والأمنية، ليتسنى لتلك الجهود مجتمعة أن تسهم في تحصين جيل اليوم والأجيال القادمة من شيوع مد الإرهاب بوصفه فكرا يتحول إلى ثقافة تقود سلوك معتنقيه، الأمر الذي يجعل من الدول الإسلامية والعربية في مقدمة (الصف العالمي) في محاربة الإرهاب بمختلف صوره وطرائقه، انطلاقا من مرجعيتنا الإسلامية السمحة، ورسالتنا المحمدية تجاه العالم أجمع، ما يجعل الإرهاب من قبل أي بلد إسلامي أو منظمة إسلامية أو فرد مسلم انتقاض وتناقض لما جاءت به الإسلام، ما جعل من ضلوع الحكومة القطرية في احتواء الإرهاب ودعمه كيانات وتنظيمات وأفراد محل استهجان عربي وعالمي، أمام ما تكشّف من تخطيط وتنظيم ودعم لأفراد وكيانات إرهابية طالت جيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يعد أول الاختراقات، ومنها ما طال دول عربية وإسلامية مخترقة بذلك مواثيق جامعة الدول العربية، إضافة إلى ما طال دول أخرى في أنحاء العالم مخترقة بذلك المواثيق العالمية، ومخترقة بذلك قبل كل شيء تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة.
الانسلاخ الثقافي
إن أول التحديات التي تواجه النظام القطري، هي حالة الانسلاخ التي يمكن غرسها داخل نسيج الشعب القطري الشقيق، بعد تكشف ما تناولته وسائل الإعلام خليجيا وعربيا، وعالميا، وما تبعها من ردود على كافة المستويات تجاه الحلم القطري «التوسعي» الذي سعى لعقود «سرا» مرتميا في أحضان الثقافة الفارسية، في حالة من الانسلاخ الجغرافي، ومن ثم الانسلاخ الثقافي من الجسد الخليجي والعربي، في تداخل اجتماعي وثقافي مع المجتمع الفارسي وثقافته، التي ستفرض شرودها على الخارطة القطرية الثقافية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية وصولا إلى «الدينية» ما يجعل من ذلك الانسلاخ أولى (المستحيلات) التي لن يستطيع النظام القطري فرضها على الشعب القطري العربي العروبي الشقيق، لكونه شعب راسخ في عقيدته وثقافته وعمق حضارته وفكره واقتصادية بجسد الخليج العربي والأمتين الإسلامية والعربية، ما يجعل من هذا البعد أول التحديات الداخلية التي ستواجهها الأحلام التوسعية الوردية «النيروزية» التي لا يمكن أن يقرها عقل، ولا يستوعبها منطق الشارع العربي بمختلف شرائحه الاجتماعية، والتي لن يتقبلها الشعب القطري الشقيق مهما سوقها الإعلام المأجور، وهواتف العملة التي بحت أصواتها، واستهلكت المنابر التي جيشتها حكومة قطر وتدفع لها الملايين سنويا لتجند منبر لكل من لا منبر له من «خلعاء» الشعوب المختلفة!
«التآمر» فكرا ومنهجا
سعى النظام القطري إلى استخدام كل ما في وسعه وكل ما هو ممكن استجداؤه من أدوات يسعى من خلالها إلى تحقيق حلمه التوسعي الذي لا يمكن أن يقره مسلم ولا عربي، على المستويات الرسمية أو على المستويات الشعبية، سوى بعض الزعماء الخونة للإسلام وللعروبة ولأوطانهم قبل ذلك، كمعمر القذافي، أو حكومات تصدر الثورات وتدعي الإسلامي كالحكومة الإيرانية، إذ تلاقى المتآمرون في خندق الخيانة والإرهاب بمختلف أشكاله، وفي جعبة كل منهم حلمه التوسعي الخاص به، فالهالك القذافي لأكثر من أربعة عقود أخّر خلالها ليبيا الشقيقة بما هو أضعاف الأربعة عقود، التي قضاها لاهثا خلف الخيانات وأحلام كتبه (الملونة) وثورته المزعومة، لذا لم يكن مستغربا عليه أن يلقب نفسه، بملك ملوك أفريقيا!، بينما ثورة الخميني التوسعية وقيادييها في طهران لديهم حلمهم التوسعي الذي تعد أولى مراحله الهلال الخصيب «الشيعي» إذ حتى الطائفية والشيعة أنفسهم كانوا أول وقود حلمهم المزعوم الذين ما يزالون يسعون له بشتى وسائل التآمر والإرهاب، الذين وجدوا بدورهم أكف الحكومة القطرية أول أكف الخيانات الممتدة إلى الأكف الفارسية! فمع أن قلوبهم شتى، وأطماعهم التوسعية متضاربة، إلا أن الخيانة جمعتهم، ونوايا الغدر جنّدتهم في خندق إرهابي واحد!
إلا أن الغريب «الفج» أن حكومة قطر ما زالت مستمرة في مد من التآمرات على كل ما هو خليجي وعربي، باستثناء ما يخدم أجندتها المرحلية، ومع أنها أعدت ساعة للانقلاب على المتآمرين معها!، الذين هم بدورهم يدركون ذلك جيدا، إلا أنهم مستمرون في تنفيذ أجندة تآمر النظام القطري لخدمة أجندتهم الخاصة - أيضا - التي تتحول قطر في الوقت نفسه إلى أحد أدواتها! والتي بدورها لن تكون في لحظة (الصفر الانقلابي) سوى طعم سائغ لمتآمرين أكبر منها وزنا وتأثير وقوة وتآمرا! لتستمر المؤامرات القطرية، ويبقى كل ذي نعمة (محسود) فلم يخطئ أبو الطيب المتنبي عندما كنى نفسه بـ«أبي محسّد» وما أصدق بيته الذي كأني به من أدق ما يمكن أن يكون توصيفا لهذه لحال التي وصيت إليها الحكومة القطرية، حين قال:
ومن يجعل الضرغام بازا لصيده تصيده الضرغام فيما تصيدا!
مجنسون ومرجفون!
كانت «آلة التجنيس» القطرية وما تزال تزرع على أرض قطر وفي مجتمعها الشقيق كل من يمكن استغلاله على مستوى الأفراد المرجفين والإرهابيين، وعلى مستوى الكيانات التي تنتج شبكات الأفكار الإرهابية وتديرها من قطر في ظل توفير كل ما يمكن أن تحتاج إليه من قبل حكومة قطر، ما جعل من الأفراد الذين ينتهجون الفكر الإرهابي وفي مقدمتهم القرضاوي، والمنشق عن منهجه أيمن الظواهري الذي أصبح زعيما لتنظيم القاعدة الإرهابي، إلا أن القرضاوي وجد مأمنه في قطر، ويجد المال والمكان والمكانة ليسوق إرهابه عبر فكر جماعات الإخوان والرعاع المنحرفين فكريا القابلين لأن يتحولوا إلى وقود لإرهابه كما نصت عليه إحدى فتاوى القرضاوي»أن يسلم المفجّر نفسه للجماعة..!» ما جعل من قطر وجهة وحاضنا للإرهاب، وملاذا آمنا للإرهابيين أفرادا، وجماعات، وكيانات، ومنظمات راسخة الجذور والتنظيم في قطر وممتدة لكل المنتمين إلى الإرهاب حول العالم.
لم يعد غريبا أن تجنس الآلة القطرية حتى عصابات المخدرات، ما جعل من تجنيس المرتزقة في مختلف مجالات الإرهاب الفكري والإجرامي، يكون من أولويات تجنيس المرجفين دينيا وإعلاميا وفكريا عبر ما هيأته لهم الحكومة القطرية من منابر لم يجدوها إلا في قطر، ما جعلهم في نشاط دائم على أرض قطر، ما زاد خلال السنوات الماضية من حدة الإرجاف والتآمر وتصدير الإرهاب، بضلوع من الحكومة القطرية بكل وسائل الدعم، في سبيل حلمها التوسعي الضلالي.
تدخلات تآمرية وإرهابية
كان التدخل الدائم من قبل الحكومة القطرية من أشد الصور عداء وتآمرا، إذ أخذ التدخل من خلال التآمر، الذي تكشّفت نواياه ومخططاته في أعمال إرهابية طالت العديد من دول مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية والإسلامية، والعديد من دول العالم، ما جعل من الحكومة القطرية سعيا منها لتحقيق حلمها التوسعي الذي كان لا بد وأن تقف خلف سعاره بالدعم الكبير والتخطيط تآمريا مع كل من تراه من الدول والحكومات والمنظمات والأفراد الذين ستجعل منهم أدوات تتدخل من خلالهم في الشؤون الداخلية للدول الخليجية والعربية والإسلامية، ما جعل من تآمر النظام القطري، وضلوعه في دعم عمليات إرهابية لتنظيمات وجماعات أشد ما تكون صور التدخلات عدوانا وسفورا، إذ لا يمكن لآلة الإعلام القطري ومهرجيه أن يتصدوا للتقارير الإعلامية في الصحف والإذاعات والقنوات الفضائية العربي منها وغير العربي التي تعرض بالصوت والصورة أحداثا إرهابية دامية التي كانت حكومة قطر ضمن الداعمين لها بالاحتواء والتجنيس والدعم المباشر لأجندة الإرهاب أفرادا، وجماعات وكيانات.