عبد الله باخشوين
.. الرئيس ترمب جاء بـ«أمريكا أولاً»..؟!
و«أمريكا أولاً».. تعنى اقتصاد دولة.. وليس تنفيذ برامج «حزب».
واقتصاد الدولة يقوم على بناء وتوثيق العلاقات الاستراتيجية التي يعود نفعها على الشعب الأمريكى وعلى الشعوب التي تحالف معها.
وترمب جمهوري من خارج أجندة الحزب وتكتيكاته.
من اللحظة الأولى التي عرض فيها أفكاره على الناخب الأمريكي.. امتعض الجمهوريون التقليديون وهاجموه.. ثم عندما تساقط رجال الحزب الذين ترشحوا لخوض معركة الانتخابات واحدًا تلو الآخر.. ازدادت أطروحات ترمب تماسكًا ووضوحًا.
غازل البيت الأبيض.. بطموحات وأحلام وأوهام الرجل الأبيض.
اكتشف خلال حملته أن ما يشكو منه يشكو منه المواطن الأمريكي حتى دون أية نعرات عنصرية.. فترامب كرجل قادم من «المال والأعمال» لا يمكن أن يكون عنصريًا.. لأن المال ليس له لون أو عرق أو هوية عنصرية.
المال يأتي من شبكة علاقات ومصالح متبادلة.. وهو قد بنى ثروته «مليارات» عبر شبكة مصالح ليست المملكة ولا دول الخليج بمعزل عنها.
حيد ثروته واستثمار أفكاره.
صحيح أنه كان وجهًا إعلاميًا وتلفزيونيًا معروفًا.. وصحيح أنه بدأ بالإثارة أولاً.. حتى في تصديه لمشكلات أمريكا الجوهرية التي تهم الناخب.. إلا أن هذا - دون قصد - أخرج الديمقراطيين والجمهوريين من دائرة الأفكار.. وفتح آفاقًا جديدة لجدلية الفكر الاستراتيجي الأمريكي.. لم تكن مطروحة من قبل في دائرة المصالح التقليدية للحزبين.
لم يكن مغامرًا كما تصور البعض.. لكنه كان واضحًا وصريحًا.. وإذا فشل بعد وضوحه فسوف يعود لأمبراطوريته العريضة.
هذا الوضوح - ولنقل - في عرض رؤية اقتصادية جديدة لا تخضع مصالحها لألاعيب السياسة التقليدية وشبكة مناوراتها التي ترسخت وأصبحت معروفة جمهوريًا وديمقراطيًا.
هذا الوضوح الذي يسبق البناء لرجل «عقاري» لا بد أن يقوم على الهدم قبل إعادة البناء.. وإعادة البناء لا يمكن أن تتم قبل التخلص من الإرهاب واجتثاثه من جذوره.
وهنا نذكر هذه الحادثة:
قامت إحدى الدول الأوروبية في السبعينيات بإنشاء مجمع لأسواق بدلاً من القديم المتهالك.. وقبل الانتقال للسوق الجديد.. قال الخبراء إنه سوف ينتقل مع السوق نحو ستة ملايين فأر تسرح وتمرح وتتكاثر.. وجاء القرار الذي يؤكد على ضرورة الانتقال دون «فئران» فكان أن تم تسوير السوق بجدار حديدي يغوص نحو متر في باطن الأرض.. على أن يتم نقل ما بداخل السوق بعد اخضاعه لتفتيش دقيق أشبه بذاك الذي يتم لزائري السجون.
جاءت النتيجة التي أعلن عنها تقول إن عملية النقل تمت بنجاح كبير ولم يتسرب للسوق الجديد من مجموعة ستة ملايين إلا نحو ثلاثمائة ألف فأر فقط.. وتم الاحتفال بهذا الإنجاز.
ومن قبل هذا الصراع الدولي لمواجهة الإرهاب لا بد من خطوات جذرية حاسمة.. من هنا تأتي أهمية الاتصال الذي يتم بين الملك سلمان وترمب الذي أكَّد على استراتيجية العلاقة بين البلدين.. وتأتي أهمية الإشادة ببرامج رؤية 2030 فلا أحد يدرك مدى أهمية هذا البرنامج سوى اقتصادي خبير.. وتأتي أهمية التصدي للإرهاب وحصاره للقضاء عليه في مهده «الشرق الأوسط».. دون وجود أية إشارة توحي بأن أمريكا ترمب ضد الإسلام.. لأن الحوار مع أهم طلائعه ورموزه المملكة العربية السعودية تؤكد سقوط أوهام وأحلام الحالمين الذين يجدون في التطرف والإرهاب وقودًا مناسبًا لكل أحلامهم الغبية والشاذة.